وإذا غزا المسلمون فلقوا ضعفهم من العدو لم يحل لهم الانصراف عنهم مولين إلا متحرفين لقتال أو متحيزين إِلَى فئة.
وإن كَانَ العدو أكثر من ضعفيهم فالأعلى والأفضل لهم الصبر عليهم، فإن ولوا عنهم فِي هذه الحال فلا مأثم عليهم، لقوله جل ذكره:{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ}[الأنفال: ٦٥] .
قَالَ ابن عباس: فرض عليهم أن لا يفر رجل من عشرة وَلا قوم من عشرة أمثالهم، فجهد الناس ذَلِكَ، وشق عليهم، فنزلت الآية الأخرى {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ}[الأنفال: ٦٦] ، إِلَى قوله:{أَلْفَيْنِ}[الأنفال: ٦٦] ، فرض عليهم أن لا يفر رجل من رجلين وَلا قوم من مثليهم، ونقص من النصر بقدر مَا خفف من العدد.
وقد روي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قَالَ:" ومن قَالَ: أستغفر اللَّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاثا غفرت ذنوبه، وإن كَانَ فارا من الزحف ".