ما صنعت، فالتقدير على هذا: بئس الذي صنعته صنعك، وهذا أحد أقوال الفراء والفارسي في ما، وهو غير مطرد في مواضعها، فلا يتأتى ذلك في: بئسما زيد ونحوه إلا بتكلف وخروج عما استقر من القواعد، والظاهر أنهما لا يقولان هذا في مثل ذلك، وسيأتي تحرير القول في هذا.
(وليست بنكرة مميزة، خلافاً للزمخشري، وللفارسي في أحد قوليه) - فإذا قلت: نعما زيد، أو نعما صنعت، فما نكرة منصوبة على التمييز، وفاعل نعم مضمر على حد: نعم رجلاً زيدٌ. وزعم بعض المغاربة أن هذا مذهب البصريين، والحق أن طائفة منهم قالوه، والمحققون منهم على القول المذكور أولا.
وممن أجاز هذا في ما هذه الجرمي وابن كيسان والكسائي والفراء، ورده كثيرون بأن ما شديدة الإبهام فلا تصلح للتمييز.
وتلخيص ما قيل في "ما" مع تحرير محل ما: قيل: إن "ما" هذه إما أن يقع بعدها اسم أو فعل:
إن وقع بعدها اسم كقول العرب: بئسما تزويج ولا مهر، فثلاثة أقوال: فاعل معرفة تامة، والاسم المخصوص، وهو مذهب المحققين.
تمييز تركيب "ما" مع الفعل، والاسم فاعل، وهو أحد أقوال الفراء، وقيل على هذا إن المركب مبتدأ خبره ما بعده، أي المذموم تزويج ولا مهر، وإن وقع بعده فعل نحو: نعما صنعت، فثمانية أقوال:
فاعل معرفة تامة، والمخصوص محذوف، والفعل صفته، أي نعم الشيء شيء صنعت، وهو أيضاً مذهب المحققين.