فقال جمهور العلماء: إنه حجة، وإن لم يكن المخبر معصوماً عن الكذب.
وقال بعضهم: لا يكون حجة حتى يبلغ عدد الشهادة.
وقال بعضهم: لا يكون حجة أقصى عدد الشهادة.
وقال بعضهم- ممن لا يعتبر خلافه خلافاً-: لا يكون خبر الواحد حجة في باب الدين إلا أن يكون معصوماً عن الكذب أو يبلغ حداً ذكرناه في التواتر لقول الله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}؟ والعلم لا يقع بخبر احتمل الكذب وقال:{ولا تقولوا على الله إلا الحق} وقال:
ولأنا لا نعمل بالنص المحتمل لوجهين، وغن كان كل واحد منهما مما يجوز ان يكون شريعة فلأن لا نعمل بالذي يحتمل الصدق والكذب- والكذب باطل- أولى وأحرى.
قال: ولا يلزمنا العمل بالشهادة لأنا تركنا هذا الأصل بكتاب الله تعالى بخلاف القياس فلا نقيس عليها غيرها. ولأن حقوق العباد ليست كأصل الشريعة فإنها باب يثبت بإيجابهم وتصرفهم وبهم ضرورة إليها، ولا يمكنهم إظهارها بدليل لا يبقى فيها شك وشبهة، وأما الدين فحق الله تعالى، والله تعالى قادر على إظهار حقه بما يوجب العلم فلم يجز إثباته بما دونه كما لا يجوز إثبات أصل الدين من التوحيد والنبوة، وصفات الله تعالى بما فيه شبهة.
واما جمهور العلماء فإنهم احتجوا بقول الله تعالى:{إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} وبقوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} الآية، فالله تعالى توعدهم بالكتمان وبترك البيان، وحقيقة هذه الإضافة تتناول كل واحد من آحاد الجمع على ما مر ذكره في الجمع المضاف إلى جماعة.
ولأن أخذ الميثاق علينا من أصل الدين والخطاب بأصل الدين، وإن تناول الجماعة فكل واحد منهم مخاطب به على حدة بالإجماع وبالدلائل التي لا شك فيها ولما افترض