[القول في النهي المطلق ماذا حكمه؟ وإلى أي قسم ينصرف؟]
قال علماؤنا: مطلق النهي عن الأفعال التي تتحقق حساً ينصرف إلى القسم الأول.
وعن التصرفات والأفعال التي تتحقق شرعاً نحو العقود والعبادات ينصرف القسم الثالث إلا بدليل.
وقال الشافعي رحمه الله: النهي في البابين يدل على قبحه لمعنى في عينه، ويكون نسخاً لما كان مشروعاً إلا بدليل.
ويحتمل أن يقال ينصرف إلى القسم الرابع بلا تفصيل.
ويحتمل الانصراف إلى القسم الأول غير أني لم أقف على هذين القولين الاخرين من السلف.
وإنما قلنا يحتمل لأن النهي للمنع عن الفعل والقبح يثبت ضرورة ومقتضى فيثبت الأدنى وذلك في القسم الرابع كما قلنا مثله في المر في صفة الحسن.
ويحتمل أن يقال: إن النهي عن الفعل تقبيح كالأمر تحسين فيثبت الأكمل كما في الأمر.
والحجة للشافعي أن النهي ضد الأمر فلما كان الأمر شرعاً للمأمور به كان النهي رفعاً للمنهي عنه إلا بدليل.
ولن الأمر شرعاً لتحسين المأمور به في نفسه إلا بدليل فكذلك النهي يكون لتقبيحه في نفسه.
وكذلك التحريم والإحلال متضادان فيرتفع بأحدهما الآخر.
ولأن الشرع ابتلاء من الله إيانا بما أمر ونهى وأحل وحرم بأصل الحكم، ثم الفعل بناء عليه فيتعين بهما أصل الحكم ثم الأداء ألا ترى أن الشرع نهانا عن الصلاة محدثاً، وعن نكاح المعتدة وبغير شهود، فلم يبق المنهي عنه مشروعاً، وغن كان النهي ورد لدخول زيادة أو لفقد شرط زائد على أصل الاسم.
ولأن أدنى درجات المشروع ان يكون مباحاً في نفسه، ثم مندوباً إلى فعله، ثم واجباً، ثم فرضاً.
والربا حرام في نفسه فلم يجز أن يكون مشروعاً لأن الله تعالى كما قال: {وحرم عليكم الربا} قال: {حرمت عليكم أمهاتكم} ثم لم يبق نكاح الأم مشروعاً بتحريم مضاف إلى الأم فلأن لا يبقى الربا مشروعاً والتحريم مضافاً إليه أولى.