فعل ما تقوم به النفس من حيث التنفس والأكل والشرب بقدر ما لا يحيى بدونه يجب أن يكون مباحاً أصله.
وفعل ما يدفع عن نفسه أسباب التلف من آفات خارجة، وفعل ما يقوم به الجنس نحو الجماع.
وفعل ما تقوم به التربية بعد الوجود في نحو الحضانة إلى أن يستغنوا، لأن العقل يستحسن السعي لإبقاء نفسه بقدر الإمكان فالبقاء رأس المال إلا بدليل يبين له خيراً في هلاكه، والبقاء فيما يجلب له القوى التي فيها حياته وفيما يدفع عنه ما يقطع عليه حياته بعد وجود العلل، فلا بد أن يقال بحسنها وأدنى درجات الحسن أن يقال بإباحتها له ليفعله.
وكذلك فعل ما يتفرع عنه من يبقى بعده لأنه لا يمكنه السعي لإبقائه بعد موته إلا بفرعه، والعقل يستحسن السعي للإبقاء بقدر المكنة ثم السعي بحضانته لأن قوامه بعد موته بفرعه فيلزمه لفرعه ما يلزمه لنفسه ما لم يستغن عنه بنفسه، ولهذا ركب الله تعالى في الطباع دواعي إليها من الشهوات وغيرها حتى شاركت البهائم العقلاء في فعل هذه الأمور بحكم الطباع ولأنا لما وجدنا هذا مما يدعو إليه الطبع والطباع رأس مال الحياة لم يجز القول بحرمة دواعيها إلا بعارض يغير حكم الحال فصارت الإباحة أصلاً والحرمة عارضة إلا أن ما يجعل حقاً لنا ينافي الوجوب علينا، فلذلك وصفنا بالإباحة، ولهذا لم يبح الزنا وإن كان التناسل به أكثر لأن التربية في بني آدم أكثر ما يكون بالرجال حتى تكون نفقة النساء على الرجال.
وكذلك نفقة الأولاد شرعاً، والآباء يشتهون بالزنا فتوف تربية الرجال والنساء لا يمكنهم التربية بأنفسهم فيضيع الأولاد وينقطع النسل إلا نادراً ويدل عليه أن شهوة الجماع