فلم يستقم الوقت المنافي للأداء شرعاً سبباً لوجوبه فعلمنا أن الأيام هي الأسباب، وكل يوم سبب لصومه على حدة، حتى إذا بلغ الصبي في أثناء الشهر لم يلزمه ما مضى، وإنما يلزمه ما بقي ولأن الصيام متفرق في الأيام تفرق الصلوات في اليوم والليلة بل أشد فإن أوقات الصلاة كانت متفرقة بأن لم يجز أداء الظهر في وقت الفجر وفات بمجيء وقت العصر قبل أداء الظهر وهذا المعنى فيما نحن فيه موجود وزيادة وهو أن بين كل يومين ليلاً لا يصلح لأداء الصوم لا أداء لما يجب ولا قضاء لما مضى ولا نفلاً.
[فصل]
وسبب وجوب الزكاة: النصاب من المال الذي عرف في الزكاة، بدليل تضاعف الوجوب بتضاعف النصب في وقت واحد، وبدليل الإضافة إليه فيقال: زكاة مال السائمة، وزكاة مال التجارة وقال صلى الله عليه وسلم:"لا صدقة إلا عن ظهر غنى"، وقال لمعاذ:"ثم أعلمهم أن الله تعالى فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم" والغنى يكون بالمال.
فإن قيل: إن الزكاة في مال واحد تتكرر بتكرار الحول فعلم أنه سبب؟
قلنا: نعم لأن المال إنما يصير سبباً ونصاباً إذا أعد للنمو بسببه من تجارة أو سائمة، فبهذا الوصف يصير مال الزكاة فيصير السبب هو الوصف في الحقيقة فإنه الجاعل للمال سبباً، والنمو لا يكون إلا بمدة فقدر الشرع بالحول تيسيراً علينا فقام الحول مقام النمو الذي به يصير المال سبباً، ولما قام مقام السبب تكرر بتكرره وفي الحقيقة التكرار بتكرار النمو فإن الذي يوجد في حول يجيء غير الذي مضى في الحول الأول.
وسبب وجوب العشر الأراضي النامية ونموها بما نستنبتها، وكذلك الخراج بدلالة أنه يقال: عشر الأرض وخراج الأرض ولا يجبان إذا اصطلم الزرع آفة قبل حين الوجوب لذهاب النماء، ثم تكرر الوجوب بتكرر الحول في الخراج وفي العشر بتكرر الخارج على مثال تكرر الزكاة بتكرر الحول لا فرق بينهما.
وسبب وجوب الجزية الرؤوس بأوصاف معلومة لأنه يقال: خراج الرأس، ويتضاعف بعدد الرؤوس وتكرارها بالحول على نحو تكرار الزكاة.
وبيانها أن أهل الذمة يصيرون من أهل الإسلام بالذمة كالمسلمين، والله تعالى فرض على المسلمين نصرة الدار بقتال أهل الحرب كما ينصر كل قوم دورهم إذا قصدهم عدو، وأهل الذمة لم يصلحوا لذلك فإن القتال نصرة لدار الإسلام ودين الله تعالى عبادة، وليسوا