[القول في أقسام الأحكام الثابتة بالنص الظاهر دون القياس بالرأي]
هذه الأقسام أربعة:
أ- الثابت بعين النص.
ب- والثابت بإشارة النص.
ج- والثابت بدلالة النص.
د- والثابت بمقتضى النص.
فأما النوعان الأولان: فالثابت بالنص ما أوجبه نفس الكلام وسياقه.
والثابت بالإشارة ما لا يوجبه سياق الكلام ولا يتناوله، ولكن يوجبه الظاهر نفسه بمعناه من غير زيادة عليه أو نقصان عنه، وبمثله يظهر حد البلاغة ويبلغ حد الإعجاز ويكون على مثال من ينظر فيرى شخصاً بإقباله عليه، وآخرين يمنة ويسرة بغمز عينه.
ويرمي سهماً فيصيب صيدين أحدهما قصداً على ما يوجد في العادة والآخر فضلاً على ما يوجد في العادة بزيادة حذقه في الباب وذلك نحو قوله تعالى:{للفقراء المهاجرين} الآية، فإنها نص على إيجاب سهم لهم من الغنيمة، فالآية سيقت لبيان قسمة الغنائم وإشارة إلى زوال أملاكهم بمكة بقهر الكفار، فالفقير في الحقيقة عديم الملك لا البعيد عن الملك لأنه ضد الغنى والغني من ملك المال لا من أصابه بيده حتى كان المكاتب فقيراً وإن أصاب كثيراً.
ونحو قول الله تعالى:{وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} فهو نص على بيان منة الوالدة على الوالد، فالآية سيقت له وإشارة إلى أن أقل مدة الحمل ستة أشهر فمدة الفصال حولان بنص آخر (وفصاله في عامين) فاختفى هذا الحكم على الصحابة واختص بفهمه عبد الله بن عباس ولما أظهره قبلوه منه.
ومنها قول الله تعالى:{وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} فالآية نص على إيجاب رزق الولد على الوالد، وفيه إشارة بالإضافة إلى الوالد بلام التمليك إلى أن الأنساب إلى الآباء، وإلى علة اختصاص الأب بالتزام النفقة فإنها تجب بسبب الإضافة إليه بلام التمليك كما تجب نفقه عبده.
ومنها قول الله تعالى:{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى قوله: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} فالآية