[القول في العزيمة والرخصة]
العزيمة في اللغة: عبارة عن الإرادة المؤكدة غاية حتى كان العزم يميناً.
وهي في أسماء أحكام الشرع: عبارة عن ما لزمنا من حقوق الله تعالى بأسبابها من العبادات والحل والحرمة أصلاً بحق أنه إلهنا ونحن عبيده فابتلانا بما شاء.
والرخصة في اللغة: عبارة عن معنى الإطلاق والسهولة ونحوها، ومنه رخص السعر إذا تراجع وخف على الناس واتسعت السلع وكثرت وسهل وجودها.
والمراد بها في عرف اللسان: إطلاق بعد حظر لعذر تيسيراً، يقال: رخصت لك كذا: أي أطلقتك تيسيراً عليك لعذر بك، وهو المراد منها في ألفاظ الشرع.
ثم العزيمة في أحكام الشرع لا تختلف أنواعها في اللزوم، لأن السبب واحد وهو النفاذ علينا على ما أمرنا الله تعالى ونهانا بحق أنا عبيده.
وأما الرخصة فتختلف أحكامها في اللزوم لأنها ثبتت بسبب العذر، وأعذارنا مما يختلف.
وهذا الباب لبيان أنواعها وهي أربعة:
نوعان منها حقيقة، وأحدهما أحق.
ونوعان منها مجاز، وأحدهما أتم مجازاً.
فأحق نوعي الحقيقة: ما أبيح للعبد لعذر به مع سبب الحرمة وثبوت الحرمة تيسيراً ودفعاً للحرج فإن الله تعالى ما جعل في الدين من حرج، كإجراء كلمة الكفر على اللسان حال الكره فإنه مباح لدفع الكره مع قيام الحرمة، فإنه من قبيل ما لا يحل بحال حتى لو صبر فقتل أجر عليه، وكان أفضل لطاعته ربه في اتقاء ما حرم عليه.
وكذلك الفطر في رمضان مكرهاً على هذا.
وكذلك ترك الأمر بالمعروف مخافة على نفسه بدليل أنه لو أمر فقتل أو صبر عن الفطر حتى قتل كان مأجوراً لطاعة ربه في اتقاء ما حرم عليه، وكان ضده مباحاً له لإحياء نفسه فلم يكن طاعة بل كان مباحاً له تيسيراً عليه.
وحكمها: أن الأخذ بالعزيمة أولى لما فيه من طاعة الله، والآخر مباح له.
والنوع الثاني: ما أبيح للعبد فعله مع قيام السبب المحرم، ولكن بعد سقوط الحرمة لمانع اتصل بالسبب فمنعه أن يعمل عمله كالأجل يتصل بالثمن فلا تجب المطالبة.
وخيار الشرط يتصل بالبيع فلا يجب الملك فإنه في الشرع كالفطر للمسافر في