قال القاضي: إما أن يكون الكتاب تذكرة، والرواية عن علمه بعد ما تذكر بالنظر فيه. أو يكون الكتاب إماماً لا يتذكر ما فيه.
وإذا كان تذكرة لم يخل عن تذكرة سماع أو كتاب إليه من الراوي بالحديث عنه أو رسالة أو إجازة.
فالسماع والإجازة ضرب والكتاب إليه والرسالة ضرب لا سماع فيهما حقيقة.
وإذا كان الكتاب إماماً فهو ضربان أيضاً:
إما أن يكون كتابه بسماعه وخطه أو سماعه بخط غيره والخط معروف، والكاتب ثقة أو سماع أبيه بخط أبيه أو راوي معروف بالرواية معروف الخط، فسماعه نوع وسماع غيره نوع.
أما إذا كان الكتاب للتذكرة قبلت الرواية لأنه لا فرق بين التذكر بالتفكر وبين التذكر بمذكر إذ في الحالين جميعاً روى عن ذكر ولا يمكن اشتراط أن لا ينسى لأن الإنسان لا يمكنه الاحتراز عنه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصوصاً به على ما قال الله تعالى:{سنقرئك فلا تنسى} وعلى أنه قد استثنى {إلا ما شاء الله}، وروي أنه كان يقرأ في الصلاة فتردد في آية.
وهذا إذا كان صحيحاً علمه ابتداء بأن كان سماعاً فعلى الحد الذي مر من قبل.
وأما إذا كان علمه بالكتاب إليه.
فإن كان كتاباً على وجهه على رسم الكتب وثبت الكتاب بحجة يثبت بمثله الكتاب وفيه: إذا جاءك كتابي هذا فحدث عني هذا الحديث بهذا الإسناد، حل له الرواية وقبلت منه روايته، وإن علمنا به، لأن الكتاب من الغائب بمنزلة الخطاب من الحاضر، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مأموراً بتبليغ الرسالة إلى الناس كافة، وبلغه مرة بالخطاب، ومرة بالكتاب ومرة بالرسالة، وكذلك اليوم يثبت بالكتاب من السلاطين إلى الرعية ولاية السلطنة والقضاء ويثبت به الوكالات، ويقع به الطلاق، والرسالة بمنزلة الكتاب بل أولى لأن الرسول يضبط كالكتاب ثم ينطق والكتاب لا ينطق.
وأما الإجازة فالرواية بها لا تحل حتى يعلم المجاز له ما في الكتاب ثم يقول الروي: أتعلم ما فيه؟ فيقول: نعم، ثم يجيز له الرواية عنه به.