٣ - وإجماع أهل كل عصر بعدهم على حكم لم يسبقهم فيه قول.
٤ - وإجماعهم على أحد أقوال اختلف فيها السلف.
ومن الناس من قال: إن إجماع أهل كل عصر حجة.
ومنهم من قال: لا إجماع لمن بعد الصحابة.
ومنهم من قال: لا إجماع إلا لأهل المدينة.
ومنهم من قال: لا إجماع إلا لعترة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الإمام منهم والإمام معصوم عن الكذب.
ومنهم من قال: لا إجماع إذا كان في السلف من خالفهم.
والصحيح هو القول الأول، لأن الدلائل التي جعلت الإجماع حجة لم تخص قوماً بنسب ولا مكان ولا قرن، والأقوال الأربعة الأخيرة مهجورة.
وقد حكى مشايخنا عن محمد بن الحسن نصاً: أن إجماع أهل كل عصر حجة إلا أنه على مراتب أربعة.
فالأقوى إجماع الصحابة نصاً لأنه لا خلاف فيه بين الأمة لأن العترة يكونون فيهم، وكذلك أهل المدينة.
ثم الذي ثبت بنص بعضهم وسكوت الباقين، لأن السكوت في الدلالة على التقرير دون النص.
ثم إجماع من بعد الصحابة على حكم لم يظهر فيه قول من سبقهم لأن الصحابة كانوا خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم كانوا خلفاء الصحابة فيقع بينهم وبين من خلفهم من التفاوت قريب ما يقع بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خير الناس رهطي الذين أنا فيهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب".