وقال بعضهم: يقتضي نهياً في ضده، وإليه ذهب أبو بكر الجصاص.
وقال بعضهم: يدل على كراهة ضده.
وقال بعضهم: يقتضي كراهة ضده، وهو المختار عندنا.
فأما الأولون: فذهبوا إلى أن ضده مسكوت عنه فيبقى على ما كان عليه قبل الأمر، كالمعلق بشرط لا يقتضي نفياً عند عدم الشرط لأنه مسكوت عنه فيبقى على ما كان عليه قبل التعليق. قالوا: والعبد يأثم إذا لم يأتمر بترك الواجب لا بارتكاب الضد.
وأما أبو بكر الجصاص فقد ذكر في "أصوله" أن الأمر المطلق على الفور، لأن الأمر اقتضى نهياً عن ضده، والنهي عن مطلق الفعل يوجب موجبه على الفور، فكأنه ذهب إلى أن الفعل إذا وجب الإتيان به حرم تركه ضرورة واقتضاء، والحرمة حكم النهي فيثبت النهي عن ضده اقتضاء.
وأما الثالث فوجهه: أن وجوب الفعل يدل على حرمة الترك ضرورة، كما قاله أبو بكر إلا أن الحرمة التي تثبت ضرورة لا تكون كالتي تثبت بالنص عليها بالتحريم او النهي.
لأن الثابت بالنص يثبت بقدر ما ترتفع به الضرورة.
والثابت بالضرورة يثبت بقدر ما ترتفع به الضرورة.
والضرورة ترتفع بكون ضده مكروهاً لقبح في غيره، وإن كان في نفسه حسناً كالصلاة في أرض مغصوبة، إلا أنا نقول ان الثابت بهذا الطريق يكون بالاقتضاء دون الدلالة.
فإن النص يدل على مثل المنصوص عليه كتحريم التأفيف يدل على تحريم الشتم لوجود ذلك الأذى فيه وزيادة.
فالدلالة أخت الإيجاب، فكما لا يوجب النص ضد الحكم المنصوص عليه لا يدل عليه، ولكن ثبوت الضد يقتضي نفي ضده كالليل مع النهار، وكذلك في الحكام إذا