منها الأحكام الشرعية كلها التي تحتمل النسخ والتبديل، وهي من فروع الدين لأن الأحكام على ما شرعت حق الله تعالى علينا يلزمنا أن ندين الله بها.
ومنها حقوق العباد مما يجب لهم وعليهم مما يقوم به مصالحهم العاجلة التي اشترك فيها أهل الملل كلهم.
والثالث: المعاملات التي أبيحت لنا وكنا مختارين في إنشائها مما يتعلق بها اكتساب تلك الحقوق.
والرابع: حجر يلحقنا لحق الغير فيلزمنا الكف عن ضروب أفعال صيانة للحد الذي بين ما للمرء ولغيره مما ظهر ذلك من الناس أجمع في أملاكهم وولاياتهم وأفعالهم.
فأما ما لله تعالى فخبر الواحد فيها حجة ويجب العمل به بلا شرط عدد معلوم ولا لفظ معين بل بشروط تراعي المخبر على ما يأتيك بيانه في بابه.
فأما حقوق العباد فلا يكون الخبر حجة لهم ولا عليهم عند المنازعة إلا بعدد معلوم، ولفظ معلوم وشرائط معدودة في المخبر زائدة على شرائط المخبر عن حقوق الله تعالى، وموضع معرفتها كتاب تقسيم فروع الفقه.
وأما المعاملات فخبر كل مخبر صحيح العبارة فيها حجة يجوز العمل بها.
وأما الحجر فقد شرط أبو حنيفة رضي الله عنه لصيرورة الخبر حجة أحد شرطي الشهادة إما العدد وغما العدالة، وخالفه أبو يوسف ومحمد رحمهما الله وذلك في الوكيل يبلغه خبر العزل، أو العبد المأذون يبلغه خبر الحجر، أو المولى يبلغه أن عبدك قد جنى فإنه يلحقه الحجر عن التصرف فيه إلا باختيار الأرش.
أما الفصل الأول: فإنما لم نشترط زيادة عدد ولا تعيين لفظ لأن احتمال الكذب لا يرتفع بنفس زيادة العدد ولا تعيين لفظ فلم نشتغل به ولأن نقل الأخبار كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف ولم يبلغنا شرط زيادة عدد ولا تعيين لفظ إلا احتياطاً، فقد روي أن علياً رضي الله عنه كان يحلف الراوي فروى له أبو بكر الصديق فصدقه ولم يحلفه، ألا ترى اللفظ والعدد لما كان شرطاً في باب حقوق العباد كيف ظهر ذلك ولم يختلف باختلاف الشاهدين في العدالة.