هذه الأسماء أربعة: التقليد، ثم الإلهام، ثم استصحاب الحال، ثم الطرد.
قال القاضي رضي الله عنه: هذه أسماء حجج مستحسنة المبادئ، مستقبحة العواقب، مداخلها هدى ومخارجها ضلال، لا ينجو عن قبح عواقبها من اعتقد الحجج حججا بهذه الأسماء إلا بعد جد صادق، وحذر دائم، وتوفيق من الله تعالى، وذلك لأنها ثبتت حججا على لا دليل.
فإن التقليد في إتباع الرجل غيره على ما يسمعه ويراه يفعله على تقدير أنه محق بلا نظر واستدلال وتأمل، وتمييز بين كونه حقا وباطلا على احتمال كونه حقا وباطلا، كأنه قلده صدق ما سمعه أو جعله عاقبة ذلك قلادة في عنقه إن كان حقا أو باطلا بلا دليل كما قالت الكفرة:{اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم}، وقالت:{إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون}.
وأما الإلهام: فإتباع الرجل ما اشتهاه بقلبه، أو أشار إليه في أمره من غير نظر واستدلال أو تمييز بين كونه حقا أو باطلا، قال الله تعالى:{فألهمها فجورها وتقواها} أي: عرفهما، وبين طريقهما فيكون عملا بلا دليل، لأن ما يقع في قلبه محتمل بين وحي الله تعالى أو الشيطان على ما نذكر كما أن خبر المخبر يحتمل الصدق والكذب، والمحتمل لا يكون دليلا وإنما رجح القائل به جهة الصدق بحسن الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا.
وقد مر القول في استصحاب الحال، والطرد أن القول بهما قول بلا دليل في الحقيقة، وسنذكر أقسام كل فصل في باب على حدة، وبالله التوفيق.