وأما أبو الحسن فإنه يقول: الإباحة لا بد منها في الأنواع كلها، وأما الزيادة فموقوفة على البيان، وبعد البيان لا يلزمنا إلا بدليل لأنه قد تبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصيته في الأحكام، فهذا المطلق من فعله احتمل أن يكون من ضرب الخصوص واحتمل غيره فلا يعمل به إلا بدليل.
وأما أبو بكر فإنه يقول: إن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم أصل لقوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}، ولقوله:{أطيعوا الله وأطيعوا الرسول}، وبقوله:{فاتبعوا} ولقوله: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} ولأن تمام الشرف في هذا، والخصوص كان بدليل عارض لمفارقة حال بيننا وبينه صار الصلاح لنا في المفارقة لمفارقة الحال، إلا أنا كنا لا نقف قبل البيان إلا في الإباحة لأن الإباحة ثابتة مع الأوصاف كلها أيها ثبت في وصف بعينه زائد عليها إشكال ولا موافقة إلا بعد الإيقاع بذلك الوصف الذي أوقعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أزال الإشكال المانع لزمنا الاتباع.
وهذا كما قال علماؤنا رحمهم الله فيمن وكل آخر في أموال أنه يصير وكيلًا بالحفظ لأنه احتمل أنواع تصرف فلا يثبت شيء بالاحتمال، لكن الحفظ ثابت مع كل تصرف فثبت قدر ما لا شك فيه، فكذلك أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس بزلة لا بد أن تكون مباحة.
وأما فوق الإباحة ففيه احتمال فنعتقد الإباحة لا مقصورة عليها قطعًا، ولكن على احتمال غيرها معنى ما يأتيك البيان، والله أعلم.