للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التأدي ببعض المحل، وهذا المعنى معدوم في الاستنجاء، لأن أصل المأمور هو مسح موضع النجاسة ولا يتأدى ببعض محل النجاسة فكان نظير الغسل في محله سنة من مضمضة، أو فريضة من غسل وجه.

وكذلك النجاسة الخارجة إنما كانت حدثًا لأنها أوجبت تطهيرًا في نفسها، فإنه يجب غسلها إذا سالت عن رأس الجرح كما أوجب خروج البول، فلما ساوته في إيجاب الحقيقة ساوته في إيجاب الحكمية بل أولى لأنها دون الطهارة الحقيقية، وأخف منها من حيث أنها طهارة.

ولا يلزم التي لم تسل لأنها لم تصر كالبول في إيجاب الطهارة في محلها فكذا في غير محلها فتبين بدلالة التأثير أنها لم تدخل تحت التعليل بل تزيد قوة في انعدام الحكم إذا انعدم دلالة التأثير، وإن بقي الوصف.

وأما الحكم: فنحو قولنا، فيمن نذر صوم يوم النحر: إنه صحيح لأنه يوم فلا يفسد النذر بالإضافة إليه كسائر الأيام، ولا يلزم إذا نذرت المرأة صوم يوم حيضها لأن الفساد بالإضافة إلى الحيض فالحيض صفة لها لا لليوم.

وقولنا: إن الغصب سبب ملك بدل أصل المال فيكون سببا لملك الأصل قياسا على البيع، ولا يلزم غصب المدبر لأنا عللنا لنجعل الغصب سبب ملك ولم نعلل لبيان المحل الذي يعمل فيه، وفي المدبر الغصب سبب ملك، إلا أن التدبير منع عمله كما لو باعه.

وكذلك الكتابة عقد يحتمل الفسخ فلا يوجب ما يمنع التكفير به كالبيع والإجارة، ولا يلزم إذا أدى بعض بدل الكتابة لأن المانع أخذ بعض العوض عن العتق لا الكتابة، وهو معنى قول أهل النظر: إن المعلل للجملة لا يناقض بالإفراد.

وأما الغرض: فنحو قولنا: إن التأمين يخافت به لأنه ذكر، ولا يلزم التكبيرات من الإمام لأن غرضنا أن نجعل كونه ذكرًا علة لشرع المخافتة، وأنه كذلك في التكبيرات فإن أصل الشروع فيها المخافتة بها وإنما وجب الجهر بعلة أخرى، وهي إنما شرعت إعلاما، والعلة مع كونها علة قد تجب ضد حكمها بمعارضة علة أخرى أولى منها.

كذلك نقول: إن الدم السائل حدث لأنه نجس خارج فأشبه البول ولا يلزم دم الاستحاضة لأن غرضنا أن نسوي بين الخارجين في كونهما حدثًا ناقضًا للطهارة وقد استويا لأن السيلان متى دام منها لم يكن حدثًا ناقضًا إلا بخروج الوقت.

ولأن الغرض أن نجعله علة ناقضة للطهارة وهو علة في الاستحاضة بعد الوقت.

ولكن امتنع النقض للحالة لعلة أخرى مانعة وهي أنها مخاطبة بالأداء فيجب أن تكون قادرة، ولا قدرة إلا بسقوط حكم الحدث فسقط ومنع العلة أن تعمل عملها لدفع ضرورة العجز عن الإمكان، فلا يخرج عن كونه علة بتأخر العمل إلى حين كالبيع بشرط

<<  <   >  >>