وإذا بقي المال حولا صح الأداء عن الفرض كأنه عجل بعد تمام العلة بوصفها وركنها، ولكن تأخر الحكم لمانع لما لو عجل الدين المؤجل وهذا لأن الحول متى تم واتصف النصاب الحول، والوصف لا يقوم بنفسه بل بالموصوف، وهو المال من حين صار سببا لأنه لا يتصف المال بالحولي إلا إذا بقي حولا فاستند الوصف إلى أصل المال، وصار ذلك المال من أول الحول متصفا بأنه حولي كرجل يعيش مائة سنة فيكون الموصوف بهذا البقاء ذلك الوليد بعينه، لا شخص آخر.
فإذا استند الوصف إلى أول أوقات النصاب استند الحكم والوجوب إلى أوله أيضا فيصير المعجل مؤديا في الثاني بعد الوجوب فيجزيه، وأما بعض العلة فلا يستند إلى ما قبل بل يقتصر على حين وجوده، لأنه ليس يتبع لما قبله فيقتصر على حين التمام فيبقى الأداء قبله أداء قبل الوجوب فلا يجزيه.
وهذا كما قيل في المريض صاحب الفراش إذا وهب جميع ماله: أنه ينفذ ويصير ملكا للموهوب له إذا سلم إليه كما لو كان صحيحا، وإذا مات نقضت الهبة في الثلثين لأن العلة الحاجرة عن هبة الثلثين مرض مميت لا نفس المرض.
وقولنا: مميت صفة للمرض كما في الجرح قد يكون مميتا فيكون قتل، وقد لا يكون فحين تصرف، والوصف معدوم نفد من غير حجر لعدم التمام بوصفه ولما دام حتى أماته تم الوصف فصار أصل المرض متصفا بالإماتة والسراية إلى الموت لا آخره لأن المرض يضعف القوى، وكل جزء من المرض بعد ما خرج عن عداد الأصحاء مضعف بمنزلة جراح متفرقة سرت إلى الموت، فإنه يضاف إلى الكل دون الأخير فتمت علة الحجر من حين أصل المرض الذي أضناه، والتصرف وجد بعده فصار تصرف محجور عليه فنقض عليه إذا لم يجزه صاحب الحق.
وقال علماؤنا يرحمهم الله: إذا جرح رجل رجلا خطأ فكفر ثم مات المرجوح أجزأه بالمال وبالصيام جميعا، لأن علة الوجوب هو القتل وذلك اسم لرجح سرى ألمه إلى الموت، والسراية صفة لأصل الجرح فعدم الوصف يمنع الوجوب، ولا يمنع التعجيل موقوفا على تتمة العلة بوصفها في الثاني.
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه فيمن قال: آخر عبد أملكه فهو حر، فملك عبدا ثم عبدا ثم مات: عتق الأخير من حين ملكه، وكذلك هذا في الطلاق لأن الشرط آخر عبد يملكه والآخر صفة للعبد المشترى فلا يقع العتق حين اشتراه لأن صفة الآخرية، لم تثبت لجواز أن يشتري عليه آخر فيكون هو أوسط عبد.
ولكن: إذا مات، ولم يشتر آخر صار الآن آخر عبد اشتراه لأنه يصير آخرا بتركه