وكذلك جوزوا الإجارة وهو بيع منافع غير موجودة لأنها لا تبقى زمانين فلا يمكن بناء البيع فيها على الوجود فبنوا على كون العين بحيث يوجد منه منفعته ليكون بناء على الوجود الذي هو الأصل للجواز بقدر الإمكان، وأسقطوا ما وراء ذلك بعذر العجز.
وأما القياس الخفي: فنحو البائعان يختلفان في الثمن والسلعة غير مقبوضة. القياس الظاهر أن يكون القول قول المشتري مع يمينه لأنهما اتفقا على حق المشتري وهو المبيع واختلفا في حق البائع فالبائع يدعي زيادة ثمن والمشتري ينكرها فيكون القول قول المشتري مع يمينه، والبينة على المدعي بناء على السنة الثابتة.
والقياس الخفي يوجب التحالف لأن المشتري يدعي على البائع، وجوب تسليم السلعة بتسليم الثمن الذي يدعيه والبائع ينكر الوجوب عليه بذلك القدر حتى يوفيه ما يدعيه فهذا إنكار باطن لا يعرف إلا بضرب تأمل.
والأول يعرف ببديهة الحال فاستحسنوا العمل بالإنكارين جميعا لأن لا تعارض بينهما لاختلاف محلي اليمين حتى قاس أبو حنيفة رضي الله عنه على هذا الفصل كل عقد اختلف فيه في بدله والمعقود عليه غير مسلم، والتسليم فيه لا يجب إلا بعد تسليم البدل من النكاح والإجارة والكتابة، وقاس الكتابة على البائعين يختلفان في الثمن ورثتهما إذا اختلفوا إذا كان قبل القبض.
ولو كان الاستحسان بخلاف القياس بالنص لما قاس عليه غيره كما لو كان الاختلاف في الثمن بعد قبض السلعة، وهي قائمة فإن اليمين على البائع بالنص بخلاف القياس لأنه لا إنكار منه لشيء من المبيع ولا لليد ولا يمين قياسا إلا على المنكر، وإنما يحلف بالنص بخلاف القياس فلم يثبت التحالف بين الورثة إذا اختلفوا بعد القبض، ولا بعد هلاك السلعة لأن النص ورد في حال القيام، والله أعلم.