لحم ديك الحبش). لكن قدر هذه الحرب كذب بقساوة كل تشخيص القائد الأمريكي، بل كانت النتيجة على العكس حين بادر المتطوعون الصينيون إلى دخول المعركة، وكان الاندحار الفوضوي للجنود
الأمريكيين يؤخر إلى أجل، وعد عيد الميلاد.
وها نحن اليوم نرى مجرى الأحداث التي نجهل إلى أين ستنتهي (وإن هناك حديثا عن هدنة بتاريخ كتابة هذه السطور في ١٩/ ١/ ١٩٥٢). فقد أضحت الكارثة التي حلت بالجنود الأمريكيين تتطلب البحث عن نتائجها الخطيرة.
إذن فالقوة الأمريكية ليست هي القوة التي لا تندحر، والفلاحون في كوريا الشمالية في جيشهم البدائي؛ أعطوا المثل بما يهدم أوهام العالم، والعالم الإسلامي على الخصوص.
عبر هذا النموذج الذي أعطى المثل؛ نرى كيف أن أحد خطي مسار السياسة الإسلامية، وهو خط المواقف التي تسوقها الظروف (opportunisme) ، قد أصيب بضربة قاسية. كما انهار الخط الآخر من رومانسية الثقة بالأمم المتحدة منذ مناقشة قضية فلسطين، وهكذا مع الحرب الكورية التي مست كبرياء القامة الأمريكية، كانت كلمتا السياسة الإسلامية: المواقف التي توقها الظروف: (opportunisme)، والأحلام التي تسوق الشعارات: (remantisme) ، قد انتهت بالفشل السياسي الذريع.
فالعالم الإسلامي بدأ بعد هذا كله يتجه نحو سياسة قريبة من روسيا؛ حين اختار لنفسه سياسة الحياد. ويبدو أنها بدأت تأخذ هذا الطريق الثاني بعد اغتيال لياقت علي خان في باكستان، والأمير عبد الله في القدس، إذ طرحت هذه الأحداث نفسية سياسية جديدة يمكن تعريفها بكلمة واحدة: الحياد.