هذا المعيار البسيط، له اعتباره بحيث يرى اليهودي آفاقه فيما يخصه في مجتمع شيوعي وليس في مجتمع إسلامي. وهنا سيأخذ بالاعتبار أن المجتمع الإسلامي مغلق أمامه نهائيا، لكنه في المجتمع الشيوعي ورغم انقطاع أيما رابط بين اليهودي الروحي وماركس، فإن الباب مفتوح أمامه ليتولى مركزا مفصليا ومتقدما مثل إيليا أهرنبورغ الذي أضحى الكاتب الأول في الاتحاد السوفييتي. هنا يصبح الإسلام في النتيجة طبقا للمعيار اليهودي خطرا مسلما به يتقدم الخطر الشيوعي رتبة واستراتيجية.
من هنا فإن الخطر الإسلامي هو خطر في السياسة الغربية عموما، فحياده في آفاق الحرب القادمة يسبب ضررا كبيرا، حين يصبح عاملا رئيسيا في بنية العصر الآتي لما بعد الحرب، ولمواجهة هذا الضرر الذي يسببه هذا الحياد تجاه الحرب القادمة، تنصرف قيادة العمليات الدولية لدرء مخاطره المستقبلية في آفاق العصر الحاضر.
ونستطيع أن نلمح نذر هذا الخطر على السياسة الغربية؛ من الخطب الرسمية التي ألقيت في الولايات المتحدة منذ عدة أشهر وتناقلتها الصحافة، وهي تنحو إلى الشدة وعدم التهدئة، فهذه اللغة الحازمة في لعبة سياسة القوة التي انطلقت في مساحة الحرب الباردة، لها معناها بما يتجاوز مساحة هذه الحرب، ويشير إلى تحول جدي في الدبلوماسية الأمريكية، وهذا التحول والتوجه تفاعل وتعاظم على ما يبدو مع رجوع تشرشل إلى السلطة.
والبريطاني الأول لم يتوقف كما يبدو عند اقتراح مؤتمر للكبار عقب عودته من واشنطن، وقد ذهب إليها ليضع البصمات النهائية للدبلوماسية الغربية مع أمريكا، بل إن تشرشل سيعطي لمفهوم الكبار مدى يتناول موسكو أيضا؛ حين أعلن بأنه سيذهب شخصيا ليلتقي بستالين، إذ يجري الحديث في أروقة وأندية السياسة في العواصم الغربية عن إمكانية
تجاور وتعاصر بين النظام الشيوعي والنظام الرأسمالي.