فهذه الأطروحة التي كانت منذ عام مضى غير مقبولة؛ غدت على العكس تستعيد بالذاكرة فلس t ة الأنكلوسكسون في التحضير للحرب الأخيرة، حين أصبحت فكرة التحالف مع الاتحاد السوفييتي ضرورة لازمة للإمساك برأس هتلر.
فهذا التقارب يشعرنا ضمنا بمدى الاهتمام بمنع حرب ضد الشيوعية، ما دامت القضية الإسلامية لم تأخذ بعد حيزا في النطاق الدولي، فهل يمكن لهذا الاهتمام أن يصل إلى حد الوفاق مع روسيا عبر توقيع معاهدة بينهما.
هذا ما يبدو فعلا، لكن الشيوعية لن تبقى طويلا لتحول هذا الوفاق مع الرأسمالية إلى نصر بغير سلاح، ولا إراقة دماء، وهو نصر في المدى العقائدي شبيه بما هي الشيوعية في إيطاليا وفرنسا، وهنا؛ فمن المؤكد أن قدر العالم سيكون بصورة نهائية في يد الاتحاد السوفييتي، وهو سوف يفرض نظامه بقوة ليس في أوروبا وأمريكا فحسب بل وكذلك في البلاد الإسلامية.
لا شك أن أفقا كهذا -على فرض حصوله- سيؤدي إلى انتحار الرأسمالية والمسيحية، وهو انتحار يهدف إلى سد الطرق أمام الإسلام.
في البداية هذا الوجه الآخر ليس مستحيلا إذا ما توافر له العامل اليهودي، لكن الخطر الإسلامي يتعاظم بالنسبة لليهود إذا ما نشبت الحرب والحياد الإسلامي لم ينجر للدخول فيها.
وهنا يجب أن نأخذ بالحسبان ما هو غير محسوب في هذه الصيغة السلمية. فاليهود يمكن لهم أن يقبلوا بانتحار الرأسمالية والمسيحية، وهم يستطيعون ذلك إذا لم يصاحبه استشعار بهذا المصير لدى مجتمع الرأسمالية والمسيحية.
وهنا؛ فاليهود ليسوا في هذا المجال سادة اللعبة بصورة مطلقة، فما ليس بالحسبان أن الغربيين لا يقبلون بدون ثمن انتحار حضارتهم.