البرتغال فقد أنشأ فيه مركزا روحيا امتد بإشعاعه شيئا فشيئا نحو أوروبا الغربية، وبصورة أساسية نحو إنكلترا وهولندا (١) .. هذا المسار في كل من الطريقين ليس مسار انقسام موضوعي، وإن كان أطلق على كل منهما اسم، فذلك صنع لدراسة التطور الداخلي للشعب اليهودي. وهنا فإن (Hasidim) سوف يحيي الجيتو في أوروبا الشرقية كما في بولونيا، أما فيما يتعلق ب (bessarabie))kitechine) الذي هو أصلهم الخفي فإن هذا الفريق سوف يرفض كل مظاهر الحياة التقليدية وكذلك كل الأشكال الموروثة عن الآباء، ليعتمد في لندن ونيويورك وأنغرس وأمستردام وباريس كل مظاهر الحياة الغربية، وهذا الأخير هو العنصر الذي سيكون له في النهاية الدور الحاسم في تاريخ الشتات؛ سواء في الحياة الفكرية أو الحياة السياسية، عبر أسماء لامعة كأينشتاين - برغسون
- مورياك - آل روتشيلد وآل ماركس، وجميعهم يهود غربيون.
هذه الفئة تهمنا بشكل خاص لأنها تضعنا في موضوعنا، أي العوامل التي أدت دورا أو أرادت أن تؤدي دورا في مصير العالم الإسلامي، وللتدليل على أهمية دورهم يكفي أن نشير إلى أن يهوديا ولد في
(ghetto) مغربي، وأصبح عبر تغيير مزدوج للاسم والجنسية يدعى (فدوف كوبر) الشهير، وزير الحرب في الحكومة البريطانية، هو الذي أعلن الحرب على ألمانيا الهتلرية عام ١٩٣٩. هكذا تبدو هذه
الخصوصيات في اليهود الغربيين لافتة؛ حين يأتي يهودي إلى بريطانيا تاركا بلدا مسلما، فيصبح بسرعة مسؤولا في إدارة بلد غربي. فهذا مثل صغير نشير إليه في إطار عام محيط بجماعة اليهود الغربيين، وقد امتدت
(١) نأسف لأنه ليس في يدنا المستندات اللازمة عند كتابة هذا الفصل، لذلك نعتمد على مجرد الذاكرة، لكن الذاكرة ضعيفة لدرجة أن النص قد فاتني. بكل حال ليس هناك ما يؤثر على عرضنا لأننا نقدم مجرد وجهة نظر خاصة جدا.