هذه المرحلة على مدى القرون التي تتابعت على الشاطئ الجنوبي للمتوسط.
لكن هذا المسار لم يحقق أهدافه إلى نهايتها في غرب أوروبا حين ظهر الإسلام فجأة، وانطلقت الدعوة سريعا من مكة إلى البيرينه (pyrenées) ، ويجب أن نضيف أن اليهود وهم في طريقهم التقوا بالإسلام ووجدوا أنفسهم مؤقتا ملزمين بالعيش على أرض الإسلام.
هنا التقت مرحلة الفتح الإسلامي بمرحلة إسرائيل فأضحت خاضعة للإسلام، لكن الحرب تظل في اليهودي عنصر حياة كما هو الماء للسمك في البحر، واليهودي ينتهز الفرص دائما بكفاءة مميزة، ففي انتشار الإسلام دعوة ودولة؛ كانت فرصة اليهود في تموين الجيوش في مسيرة الفتح الإسلامي، ومتعهدو التموين لهم استمرارية واتصال بمسار الفتح والترجمة بين الفاتحين والأهليين (indigènes) ، واليهودي في قيامه بمهمته لا ينسى، إلا مرحليا، الهدف البعيد لدوره كيهودي.
ومما يزكي هذا الشعور لديه هو أن العربي يحمل في دعوته للإسلام نظاما جديدا ذا عمق ديني يخالط الروح في الصلة بين الفاتحين والأهليين الذين تبلغوا الدعوة، ولا يترك أي موقع للعبقرية المادية لدى اليهودي، لذا ألزمته الحقبة الإسلامية التوقف في طريقه؛ لا يستطيع النفاذ إلى أهدافه إلا ثغرة دس خفي ينفذ منها لهدم الحضارة والإمبراطورية الإسلامية، فالعربي في دعوته الروحية كالقرطاجيين القدماء في مكانتهم الاقتصادية والتجارية؛ كلاهما منافس خطير لمسار الشتات اليهودي التاريخي. والإسلام في المدينة المنورة في بداية عهده كان قد تعامل مع اليهود كجزء من وحدة المدينة، وقد فتح الباب لهم لمن أراد الدخول في الإسلام، وكان منهم من دخل الإسلام، فكان المنافق اليهودي يدخل في المجتمع في بدء تكوينه عبر كعب الأحبار؛ الذي أعلن إسلامه علنا وسعى يدبر مؤامرات هزت