ذلك أن صلابة هذا الحاجز في بنية المجتمع الغربي قد اعتراها شرخ (frissur) أو نقطة رخوة، فالشعب كان قديما في مرتبة العبد للأمير، لكن غارات الفرنك والنورمان حققا تحريرا ما من تلك العبودية، وقد أنقص ذلك جزءا من السلطة المطلقة للأمير، صحيح أن النفوذ اليهودي كما هو باد في (City) الجيتو الأول قد أضحى له المقام الأول في إنكلترا، لكن الذي في الجانب الآخر هو الأساس؛ لأن الأمير الحامي لسلطته المطلقة وعبر هذا الشرخ في المجتمع الغربي قد تركت اليهودي أن يضع فيها
خلاصة عبقريته التي تبدت في ثورة (كرومويل) التي كانت الزاوية التي
جمدت المجتمع البريطاني كتلة واحدة على سواء، وعبر هذه الكتلة (Bloc) عرفت كلمة الديمقراطية، ولم تكن بعد قد لفظت كمفهوم تعبر عنه الكلمة، لكن سائر الأفكار التي تم تداولها قد انتهت في سائر الأعمال، ومن هنا أضحى من الواجب فهم الأشياء على ضوء دراما عصرنا الحاضر (١).
فمن أجل صنع ثورة فالأمر لا يتطلب سوى تداول فكرة، شريطة أن تمسك ببنائها، ثم تعمل على توفير الشروط المادية والنفسية لهذه الثورة كي تنفجر، وإلا فسوف تنتهي إلى لا شيء. (وهو أساس الانهيار السياسي ثم العسكري لألمانيا المحتلة في أوروبا لفقدان الثورة هذه الشروط). ويمكن عبر هذه الأسس فهم لماذا لا يستطيع أي حزب أن يسحب
اليهود من أوروبا ما دام أنه في حوزتهم الوسائل المادية والإيديولوجية.
عبر هذه الوسائل المحكمة جرد اليهود حملتهم المضادة في جوانب أخرى حياتية يمسكون بزمامها في المال والاقتصاد؛ وهي: شح المواد
(١) قارن هذه الصورة من تطور أوربا والحضارة الغربية بما يجري اليوم وفي بداية الألفية الثالثة من الانتقال من العصر الحديث إلى ما بعد الحداثة، وذلك يهدم سائر المعايير من القيم التي يقوم عليها العصر الحديث (مسقاوي).