الغذائية، والغلاء في الأسعار، مما يجعل الحياة معقدة في كل صعيد حتى من الوجهة الإدارية، وكان هذا هو الإعداد الجيد لصنع ثورة.
وإذا ما أبدى أحد استغرابه فسأل: بأي إمكانية وخبرة يستطيع اليهود هذا كله؟
فالجواب يضيع في الظلام مغفلا من أي مرجع رغم أنف وذقن السلطة.
والأمر نفسه لو تساءلنا: من صنع الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩؟ لا يوجد واحد من الفرسان ولا النبلاء إلا ويعرف، ولا مؤرخ إلا ويحمل في يده الوثائق التي تثبت دور جان جاك روسو والإنسيكلوبديين في قيام الثورة. وإذا ما سألنا حتى المواطن والمواطنة: من الذي أخذ القرار بهدم الباستيل فسيقولون جميعا: هو كل من أراد أن يعبر عن أفكاره الخاصة ومواقفه عدا الذي جاء من اليهود فقوة هذا الأخير على وجه الدقة هي التي صنعت
الثورة من دون الثوريين الذين لا يعرفون أية قوة في الظلام دفعتهم، وكان
هذا هو المعول الأخير في هدم الباستيل.
فهل كان ميرابو يعرف أكثر من الآخرين؟ أنا أشك في أن هذا الخطيب لم يحمل معه الفكرة من ألمانيا من صالونات الرومانسية حيث رأى النور كتاب الشاعر اليهودي (La jaune gloire) (Heine) وهو تمام الزمن الذي رأت فيه النور الفكرة الرئيسية للتصريح بحقوق الإنسان والمواطن.
هذا التصريح أعد على الخصوص إعلانا لمواطنيه اليهود. ويجب أن نشير إلى أهمية حدث كهذا في بلاد كالجزائر حيث (الإنديجين) القابلين للاستعمار والمستعمرين كانوا يطالبون دائما بالمواطنية التي تتيح لهم التصويت مع المستعمرين وأسوة بهم، وإذا كان أمكن تصور إعطاء الحق نفسه لليهود فإنه يقال لنا - نحن الجزائريين - بصوت عال: اليهودي ليس لديه مشاعر خارج وسطه وعنصره، فهو لا يفتش خارجها، أما الصداقة