فالغوييم الأوروبي سينتهي أخيرا إلى مجتمع (indigene) ، لكن ردة فعله عنصرية، فالعنصرية أضحت روح الأوروبي بصورة عفوية، فإذا ما كانت مثلا فتاة مسيحية في حفلة (bal) راقصة، رقصت مع شاب أنديجين، فإنها ستجد نفسها فجأة أمام ذاكرتها في تحذير يأتيها من أحد رفاقها وهو يناديها محذرا، وقد يصدف أن يكون يهوديا:(عزيزتي أنت ترقصين مع أنديجين (أهلي)).
وما هو أكثر دلالة حينما وقف دزرائيلي في إحدى جلسات مجلس العموم وحمل بيده المصحف الشريف وصرخ:(ما دام هذا الكتاب موجودا فالسلام لن يعم العالم). فدزرائيلي لم يتحدث كمسؤول بريطاني فحسب، بل وكيهودي عالمي يتكلم أيضا.
من الطبيعي أن حالة ما شرحنا قد مرت في ردات فعل طبيعة الأوروبي نفسه وقد أضحت جزءا شاملا لشخصيته، حين استلم صدفة تركة عنصرية دون أن يعرف من الذي أعطاه إياها، ففي ظل هذا الواقع فالأوروبي أصبح يقوده شيئا فشيئا المحرك السحري، ويعمل طبقا لآلية فكرة أجنبية عنه لها تعريفها الخاص.
وعلى ضوء ذلك، إذا كانت العنصرية هي المسوغ الأخلاقي للأوروبي الذي محا الشعوب الأمريكية الأصلية قبل كولومبس وقتلها بدم بارد، فهناك إذن معيار يستطيع اليهود عبره أن يميزوا الأخلاق الأوروبية الجيدة من السيئة، لذلك فهم يستحقون ثقتهم كمديرين لمشروعهم.
فالاستعمار لا يجد مسوغه لمجرد أطروحة اقتصادية تفسر في إطار أوروبي؛ وإذا كانت تاريخيته تركزت داخل هذا الإطار فإن حقيقته قد تجاوزته بعيدا.
وإذا كان الإعلان العام الصادر من الكنيس العالمي لليهود إلى الشعب