للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للحرب الصليبية، والمؤرخون لا يطلبون أكثر من ذلك ليجعلوا منه الشخصية الغامضة في التاريخ.

واحد من العاملين في نظام المعابد (Ordre des Emplois) ليس

معروفا لدى المؤرخين هو (بيار أرميت)، أما ابن ميمون فهو على علو

مكانته في الفكر اليهودي فقد ظهر أمام المسلمين في القاهرة (وقد هاجر إليها من الأندلس) في صورة إمام في أحد المساجد، وقد تحولت إقامته في القاهرة إلى مجرد قصة تروى في أوروبا بكل معانيها.

وابن ميمون عاش في القاهرة غير معروف بما هو فيه، وقد تخفى حتى لا يقابل بالرفض الذي لقيه صديقه ابن رشد في قرطبة وهو كان يعرف ذلك جيدا.

وهنا يصح الوقوف عند معاني هذه القصة في حياة الرجلين.

فما هو معروف من حياة ابن رشد أنه أنهى بكل هدوء مركزه كقاض كبير في الأندلس، لكن يهودي الشتات كابن ميمون مثلا وسواه قد وضع لنفسه طريقا توفر له فيه مجموع ما انطبع عليه من الميزات العملية؛ فهو المواطن في أوروبا الديمقراطية، ثم هو المعلم الأكبر في المرحلة الصناعية. ويبقى رجل (الإدارة والمكتب والملف) كما هو الرجل الذي يخرج من بيته باكرا إلى عمله حاملا بيده زوادته اليومية، فهؤلاء جميعا لم يعودوا شركاءه بل موظفيه وعماله العاملين في ورشته ومديري أعماله.

في بداية القرن التاسع عشر كان روتشيلد مجرد دبلوماسي في وزارة الخارجية الفرنسية، (ألكي دورسيه) عين سفيرا في فيينا لكنه بعد فترة من عمله كان منزل روتشيلد هو الذي يستقبل الملك كارول ملك رومانيا حينما زار باريس وليس قصر الإليزيه حيث كان بوانكاريه رئيسا

للجمهورية.

<<  <   >  >>