للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطًا حسنًا.

وعند محاكمة تلك الاستنباطات إلى هذه الشروط نجدها تتوافق مع المنقول من تفسيرات الصحابة دون توافقها مع المنقول من التفاسير الباطنية المنقولة عن الشيعة أو الإسماعيلية أو بعض المتصوفة.

وبمعنى آخر: إنَّ طريق الوصول إلى الباطن في تفسير الصحابة والتابعين يكون من خلال الظاهر عن طريق دلالة التمثيل، أو دلالة الإيحاء، أو دلالات اللغة، أو المقام، أو السياق بحيث يظهر للمطلع عليه تناسبٌ بين الظاهر والباطن الذي آل إليه.

بخلاف التأويل عند الباطنية الذي لا يُتَوَصَّل إليه من خلال الظاهر، بل من خلال الإمام المعصوم أو الولي المكاشف، ولذلك لا تناسب بين الظاهر والباطن الذي آل إليه ألبتة!

ولكن هذا لا يعني عدم وجود تفسيرات إشارية عند هؤلاء هي من جنس ما عند الصحابة، فهذا قد يوجد كما يوجد عند غيرهم، لكن الشأن فيما هو من خصائص تفسيرهم الذي لا وجود له عند الصحابة، فهذا النوع يحكم ببطلانه.

ومن أمثلة التفسير الإشاري عند الصحابة، ما ورد عن ابن عباس، قال: «كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال: «إنه ممن قد علمتم» قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم قال: وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: ما تقولون في ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ١ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ٢﴾ [النصر: ١ - ٢] حتى ختم السورة، فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم: لا ندري، أو لم يقل بعضهم شيئا، فقال لي: يا ابن عباس، أكذاك

<<  <   >  >>