للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي الطيّب الطبري، وحفظ تعليقه، وجمع بين العلم والدّين. كانت له مقامات في علم النظر، والاطّلاع على أسرار الفقه ومكنوناته. شهد عند قاضي القضاة ابن الدّامغاني (١) في يوم الثلاثاء سادس عشر ربيع الآخر من سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة، فقبل شهادته، واستنابه في القضاء والحكم بمدينة السلام، ولمّا مات قاضي القضاة المذكور قلّد عوضه، وذلك في يوم الخميس خامس عشر شهر رمضان من سنة ستّ وسبعين وأربع مائة. ولم يأخذ عن القضاء رزقا، ولم يغيّر ملبسه ومأكله وداره، ولا استناب أحدا، بل كان يتولّى الحكومات بنفسه، ويسوّي بين الشريف والوضيع في الحكم، ويقيم جاه الشّرع، ولا يحابي أحدا إذا وجب عليه حقّ، ولذلك اتّفق حاشية السلطان عليه، وطلبوا منه أن يسأل الخليفة المقتدي بأمر الله، فتوسّل لذلك من الدّيوان، فقال: أنا لا أنعزل، لأنّي لم يصدر عنّي ما يوجب عزلي، ولم يغلق بابه، ولا امتنع في الحكم، فرأى الوزير أن يتقدّم إلى الشهود بأن لا يحضروا مجلسه، فبقي سنتين وشهورا كالمعزول، ثم أذن للشهود في حضور مجلسه والشّهادة عليه [. . .] (٢)، فلم يزل على قضاء القضاة إلى حين وفاته، وذلك في عاشر شعبان من سنة ثمان وثمانين وأربع مائة، ودفن عند قبر ابن سريج (٣) في تربة له.

وقد رأيت كتابا صنّفه في الأصول سمّاه كتاب البيان عن أصول


(١) أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن حسن الدامغاني العلامة البارع مفتي العراق، وقاضي القضاة. توفي سنة ٤٧٨ هـ‍، ترجمته في: تاريخ بغداد:٣/ ١٠٩، والمنتظم:٩/ ٢٢، والنجوم الزاهرة:٥/ ١٢١.
(٢) طمس في الأصل بمقدار ثلاث كلمات لم نتبينها.
(٣) أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج الشافعي الشيرازي المتوفى سنة ٣٠٦ هـ‍. وتربته بالقرب من محلة الكرخ ببغداد. ترجمته في: تاريخ بغداد:٤/ ٢٨٧، ووفيات الأعيان:١/ ٦٦، وسير أعلام النبلاء:١٤/ ٢٠١.

<<  <   >  >>