وذكر اسمه أيضا محرّفا في كلّ من تاريخ ابن الفرات، وكتاب المخلاة لبهاء الدّين العاملي، وكتاب التذكرة التّيمورية، فسمّي في الأول: ابن السباعي، والصواب حذف الباء. وسمّي في الثاني: ابن الساهي، وهو تحريف واضح. وسمّي في الثالث: ابن المساعي، وهو أيضا تحريف، وصوابه ابن الساعي (١). إلاّ أن المشهور والمتفق على صحّته بين تلاميذه ومعظم مترجميه هو: ابن أنجب الساعي.
[ثانيا: مولده ونشأته وطلبه للعلم]
ولد عليّ بن أنجب في شهر شعبان سنة (٥٩٣ هـ-١١٩٧ م) بمدينة بغداد، على عهد الخليفة أبي العبّاس أحمد الناصر لدين الله العباسيّ، في أسرة متواضعة، إذ كان أبواه من عامّة الناس، فلم يرد في المصادر ما يدلّ على أنّ أباه كان من علماء عصره، أو من أعيان مصره الذين لهم حظوة عند سلطان أو وجيه من الوجهاء.
وكان ابن أنجب منذ حداثة سنّه محبّا للعلم والعلماء، شغوفا بحضور مجالس الفضلاء، وكان يتردّد على حلقات العلم بمساجد بغداد ورباطاتها، ففيها حفظ القرآن الكريم، وسمع الحديث الشريف، ودرس علوم العربية، والتاريخ والأخبار، والسّير والمغازي والآثار، والفقه والآداب والأشعار، وغيرها من العلوم، على يد مجموعة من المشايخ الفضلاء. وبما أنّنا لم نقف على مشيخته التي فصّل فيها الحديث عن شيوخه، وإجازاته، ومحفوظاته، ومرويّاته، ومجالس العلم التي كان يحضرها، فسنكتفي هنا بإيراد ما بقي من هذه الأخبار التي وجدناها في مؤلّفاته.
يقول مثلا في وصف أحد مجالس شيخه عبد الوهّاب بن سكينة، مبرزا علاقة الودّ التي كانت تربطه به، ومؤكّدا حرصه على التعلّم والحفظ: «وأذكر وأنا صبيّ راهق الحلم، وأنا ألتذّ بالنظر إليه، ولا أسأم
(١) نقلا عن: ابن الساعي البغدادي د. عبد الحكيم الأنيس. صدى الدار السنة الأولى العدد السابع.