الحمد لله حمد الشاكرين الذّاكرين المقرّين بالآلاء والنّعم، وصلّى الله على سيّدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وخير الخلق من عرب وعجم، وعلى آله وصحبه أجمعين أولي المجد والكرم، وبعد:
فقد كتب على تراث الأمة الإسلامية أن يعيش ما عاشته الأمة من محن ونكبات، إذ ضاع الكثير من ذلك التراث في أتون الصّراعات، وتفرّقت البقية الباقية منه شذر مذر في سائر الأقطار والأمصار؛ فقد حفظ قسم كبير منه في مختلف خزائن الكتب العامة، فتمّت الاستفادة منه تحقيقا ودراسة ونشرا، وكنز قسم آخر منه في مكتبات خاصّة دون الوصول إليه شرط الحداد، وخرط القتاد.
ومن بين هذا التراث المكنوز نفائس نادرة، طالما تطلّعت إليها همم الباحثين، واشرأبّت لها أعناق الدارسين، لكنها كانت تذكر بحسرة في مؤلّفاتهم وأبحاثهم على أنها مصنّفات مفقودة أو ضائعة.
ومن أبرز تلك الكنوز النادرة: كتاب الدّرّ الثمين في أسماء المصنّفين لابن أنجب الساعيّ، الذي اشتهر بعنوان أخبار المصنّفين، والذي يعدّ من أهمّ مؤلفات هذا العالم الكبير، فقد ذكر، في أكثر من بحث، أنه من الكتب المفقودة، وكنا بدورنا نحسبه كذلك، على الرّغم من أننا كنّا نعلم أنه كان من الضّنائن التي تفرّدت بحفظها خزانة العلاّمة محمد عبد الحيّ الكتّاني رحمه الله (١)؛ لكننا لم نقف له على ذكر في فهارس مخطوطات الخزانة الوطنية، قسم الخزانة الكتّانية. وبعد الاطّلاع على كشّاف الكتب المخطوطة المحفوظة بالقصر الملكيّ بمراكش، الذي أنجزه محمد بن
(١) التراتيب الإدارية ٢/ ٤٥٧، وتاريخ المكتبات الإسلامية:١٤٨ - ١٤٩.