للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إحدى وسبعين سنة. وكان قد خدم الخلفاء والأمراء من بني بويه والوزراء، وتقلّد أعمالا جليلة، وعرض عليه عزّ الدولة بختيار بن معزّ الدّولة بن بويه (١) الوزارة على أن يسلم فامتنع، وكان حسن العشرة للمسلمين، عفيفا في مذهبه. ثم ناب أولا عن الوزير أبي محمد المهلّبيّ في ديوان الإنشاء وأمور الوزارة.

ولمّا ورد عضد الدولة بغداد في سنة سبع وستين وثلاث مائة نقم عليه أشياء من مكتوباته عن الخليفة وعن عزّ الدولة بختيار فحبسه، فسئل وقد عرّف فضله (٢)، وقيل له: مثل مولانا لا ينقم على مثله ما كان منه، [٥٨] فإنه كان في خدمة قوم لا يمكنه إلاّ المبالغة في نصحهم، ولو أمره مولانا إذا استخدمه بمثل ذلك في أبيه ما أمكنه المخالفة، فقال عضد الدولة: قد سوّغته نفسه، فإن عمل كتابا في مآثرنا وتاريخنا أطلقه، فشرع في محبسه في كتاب التاجيّ في أخبار بني بويه، وكاد حاله يفضي إلى صلاح، فنقل عنه بعض أعدائه إلى عضد الدولة أنه قد قال لمن سأله في حبسه عمّا يكتب فقال: أباطيل ألفّقها، وأكاذيب أزوّقها. فأمر عضد الدولة عند سماع ذلك بأن يلقى تحت أرجل الفيلة. فأكبّ عبد العزيز بن يوسف (٣) ونصر بن هارون على الأرض يقبّلانها يسألان عضد الدولة في أمره، فوفّر عليه نفسه، بعد أن أخذ جميع أمواله.

واستدام حبسه إلى أن أخرجه صمصام الدولة بن عضد الدولة (٤).


(١) بختيار بن معز الدولة أحمد بن بويه أحد سلاطين العراق من بني بويه كان شديد البأس توفي سنة ٣٦٧ هـ‍ ترجمته في: المنتظم:٧/ ٨١، ووفيات الأعيان:١/ ٢٦٧، وسير أعلام النبلاء:١٦/ ٢٣٢.
(٢) فسئل فيه وقد عرّف فضله في معجم الأدباء.
(٣) أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف الشيرازي الجكار وزير من الكتاب الشعراء تقلد ديوان الرسائل لعضد الدولة البويهي، وعد من وزرائه وخواص ندمائه توفي سنة ٣٨٨ هـ‍، ترجمته: الكامل في التاريخ لابن الأثير:٩/ ٣١، وتاريخ الذهبي:٨/ ٦٣٤، والأعلام:٤/ ٢٩.
(٤) الخبر في معجم الأدباء:١٣١.

<<  <   >  >>