للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان عارفا بالنّحو واللّغة، كثير التصنيف، أصله من بغداد، وانتقل إلى الموصل، فأقام بها إلى أن مات في شهر رمضان من سنة تسع وستين وخمس مائة (١) عن نيّف وسبعين سنة. ولمّا أصعد من بغداد إلى الموصل ترك كتبه التي قد جمعها في عمره في داره، فوقعت داره عليها لمّا غرقت بغداد في سنة ثمان وستين وخمس مائة في خلافة المستضيء.

فنفّذ مملوكه لاستخراجها، فأخرجها بعد خمسة عشر يوما وقد عفت وتلف أكثرها، والذي سلم أنتن، فحزن عليها ولم يزل يعالجها بالبخور حتى ذهب بصره (٢).

ومن شعره لمّا أخبر بالغرق وهدم داره فقال: [الخفيف]

ولع الدّهر بالذخائر أبقي‍ ... ت غراما لنا عريضا طويلا (٣)

وقع اليأس من مآرب شتّى ... كنّ في قبضة الرّجاء حلولا

لو تعرّضت بالنّفوس لأحرز ... ت ثوابا في أخذهنّ جزيلا

خذلتني قوى يصحّ بها الفك‍ ... ر فأضحى لفقدهنّ عليلا

فغدا اليوم في إسار من الحي‍ ... رة لا يهتدي لرشد سبيلا

إنّ ذاك الفكر الذي كان يرضي‍ ... ك إذ اسميته حساما صقيلا (٤)

هشمت عزمه الرّزايا فقد صا ... ر لها مالي عنده معلولا


= ونكت الهميان:١٥٨، والوافي بالوفيات:١٥/ ٢٥٠، وبغية الوعاة:١/ ٥٨٧، والنجوم الزاهرة:٦/ ٧٢.
(١) كانت وفاته في عام ٥٦٩ هـ‍ كما ذكر في مجموعة من المصادر باستثناء معجم الأدباء فقد جعل وفاته في عام ٥٥٩ هـ‍ وهو غير صحيح إذ تأكد أنه حضر غرق بغداد عام ٥٦٨ هـ‍.
(٢) الخبر في معجم الأدباء:١٣٧١ - ١٣٧٢.
(٣) لم نقف على هذه القصيدة فيما بين أيدينا من مصادر. الشطر الثاني من البيت مقتبس من قول أبي الفتح البستي: بأبي من شفى فؤادا عليلا بكلام حكى النسيم عليلا زاد في طوله ارتياحا إليه وغراما به عريضا طويلا
(٤) مقتبس من قول البستي: أتته المنية مغتالة وسلّت عليه حساما صقيلا

<<  <   >  >>