•قوله: «وَقُلْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَلامُ مَلِيكِنَا» تحدث الناظم هنا عن مسألة القرآن هل هو مخلوق أو غير مخلوق، فجعل هذه المسألة أول مسائل العقيدة في هذا النظم فما مناسبة ذلك؟ المناسبة: أنَّ الناظم - رحمه الله - أوصى في أول بيت من هذه المنظومة بالتمسك بالقرآن، فكان من المناسب أن يبدأ بالمسائل المتعلقة بالقرآن حيث أوصى به قبل هذا البيت، ويحتمل أن يكون ذلك لاشتهار القول بخلق القرآن في زمانه. والقول بأن القرآن غير مخلوق هو مذهب أهل السنة والجماعة، يقولون: القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، فيصرحون بذلك خلافًا للجهمية والواقفة، ويستدلون بقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ} [ص: ٢٩]، وقوله: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: ١٩٢، ١٩٣]، وغيرها من الآيات الكثيرة التي تبيِّن أنَّ القرآن منزل. وهنا يرد إشكال: وهو أن الله سبحانه وتعالى أضاف القرآن إلى جبريل في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: ١٩، ٢٠] كما أضافه إلى النبي الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} [الحاقة: ٤٠، ٤١]، فقد يستمسك بهذا أهل الشرك الذين يكذبون بالقرآن ويقولون: هذا من قول محمد، فما الجواب؟ الجواب على هذا الإشكال: أن الإضافة هنا إضافة تبليغ، من جبريل ومن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد أَدَّيا ما أوجب الله عليهما من تبليغ القرآن وقاما بذلك عليهما السلام خير قيام، فجبريل بلغ القرآن للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بلغ القرآن لأمته.