للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان عند اليونان الأقدمين هذه «الألياذة» التي يعدونها أولى مفاخرهم، والتي استمد منها أدباء الغرب وشعراؤهم المحدثون أكثر مآثرهم، فلقد روى الكتاني في «التراتيب الإدارية» أن عندنا قصيدة في خمسة آلاف بيت، همزية جيدة في السيرة النبوية، ولابن عيسى القرطبي أرجوزة أخرى في سبعة آلاف بيت، وثالثة عنوانها «المقالات السَّنية في مدح خير البرية» لعثمان بن علي في تسعة عشر ألف بيت.

وإذا كانت الإلياذة تشتمل على خرافات وعلى تخيلات، ما يسندها واقع، ولا تعتمد على حقيقة، فإن هذه الأراجيز ما فيها إلا حقائق ثابتة (١)، وتواريخ محققة، هذا وأنتم تعرفون الأراجيز العلمية: كألفية ابن مالك، وألفية العراقي، والكثير من أمثالهما.

ولما ظنوا أنهم شبعوا من الجدِّ واكتفوا؛ استراحوا إلى لون جديد، كما استراح أهل الفن من المصوِّرين والرسامين إلى هذه المذاهب الجديدة في الرسم، التي لاتبلغ معرفتي بها مبلغ القدرة على وصفها والكلام فيها،


(١) حول هذه الحقيقة انظر كلام د. عبدالله المجذوب فيما نقله عنه الطناحي في «مقالاته» (١/ ٢١٠).

<<  <   >  >>