للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا، وقد أشار الدكتور: محمد محمد حسين - رحمه الله - قبل أكثر من ستين سنة إلى أن الانكباب المشاهد مظهر من مظاهر الاستيلاء الغربي على الثقافة وتغلغلها في صفوف المسلمين؛ ليحدث التغيير من الداخل في قولبة الإسلام وفق الأهداف والرغبات الغربية. (١)

وأسوأ ما يدعيه أولئك المثقفون المستغربون: التجديد في الثقافة! وليتهم عرفوا الثقافة؛ ليجددوها، مع أن تجديدهم يقوم على أمرين: (هدم «القديم»، وبناء ما يتوهمونه من «الجديد» (٢) وهم ماضون في الهدم، لايرضيهم إلا أن يأتوا على بنياننا من القواعد بما يتضمنه من دين، وتقاليد، وفنون، وآداب؛ ولكنهم سوف يعجزون عن البناء، سيهدمون مجتمعنا ثم يتركونه وسط أنقاض نظامه القديم فوضى، لاسكن فيه ولا قرار.

وبوادر هذه الفوضى وأعراضها ظاهرة لكل ذي عينين؛ ذلك لأن المجتمعات لاتُبنى في يوم وليلة، ولكنها تبنى في مئات السنين، ولاتبنى في صحفٍ منشَّرة أو قاعات مغلَّقة، ولكنها عملية معقَّدة أشد التعقيد،


(١) «الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر» د. محمد محمد حسين (٢/ ٢٠٧، ٢٠٩).
(٢) وانظر: «مقالات الطناحي» (٢/ ٦٨٩)، و «تحت راية القرآن» للرافعي.

<<  <   >  >>