للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما انحرف من انحرف، ولا ضَلَّ مَنْ ضَلَّ من الطوائف الإسلامية إلا بالابتداع.

سادسًا: أن الابتداعَ معاندةٌ للشارع، وَصَدٌّ عن الاتباع، فمن لم يكن متبعًا كان مبتدعًا، ومن كان مبتدعًا لم يكن متبعًا.

فتأمل هذا؛ فهو عزيز .. فإن الإنسان لا يمكن أن يسير على طريقين، ولا يمكن أن يكون له قلبان.

{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: ٤].

قال الإمام الشاطبي: ((الْمُبْتَدِعُ مُعَانِدٌ لِلشَّرْعِ، وَمُشَاقٌّ لَهُ ... )) (١).

وقد رأينا هؤلاء الذين يُحْدِثُونَ للمسلمين طرقًا جديدة -سواء في العبادة، أو في السُّبُل، أو الفكر- لا يتحدثون عن الاتباع، ولا يحثون عليه، بل لا يذكرونه.

وإذا ذكروه، أو سمعوا به، فلا يعرفونه .. وإذا عرفوه لا يقيمون له وزنًا، ولا يدركون أَنَّ مَنْ لم يكن متبعًا كان مبتدعًا.

قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص: ٥٠].

فإما أن يكون المرء متبعًا، وإما ان يكون مبتدعًا، ولا طريق ثالث.

قال ابن عباس - رضي الله عنه -: ((مَا مِنْ بِدْعَةٍ تَحْيَى إِلَّا وَسُنَّةٌ تَمُوتُ)) (٢).

وقال شيخ الإسلام رحمه الله:

((شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ هُوَ تَرْكُ انْتِحَالِ اتِّبَاعِ السَّلَفِ)) (٣).


(١) الاعتصام (١/ ٤٩).
(٢) الاعتصام (١/ ٨١)، وعزاه للطبراني في الكبير، وهو فيه برقم (١١٠٠) بلفظ متقارب.
(٣) الفتاوى (٩/ ١٠).

<<  <   >  >>