للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} (لا) نهى، وعلى من صلة {غُمَّةً} كل. والغمة: السُّترة، من غم الشيء، إذا ستره.

قال أبو إسحاق: واشتقاقها من الغمامة التي تستر (١).

وفي الحديث: "ولا غُمَّةَ في فرائضِ اللهِ" (٢)، أي: لا تُسْتَرُ ولكن يُجَاهَرُ بها، أي: لا يكن أمركم معي ملتبسًا، ولكن ظاهرًا منكشفًا فيما تريدون مني من إهلاكي وعداوتي وغير ذلك.

وقيل: لا يكن أمركم غمة، أي: غمًّا (٣). يقال: غُمَّةٌ وغَمٌّ، كما يقال: كُربةٌ وكَرْبٌ، والمعنى على هذا: افعلوا بي ما شئتم لئلا يكون عيشكم بسببي غصةً، وحالكم عليكم غمةً، أي: غمًّا وهمًّا.

وقوله: {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} الجمهور على القاف والضاد في {ثُمَّ اقْضُوا} إمَّا من قضيت الأمر إذا أَحْكَمْتَهُ وأمضيتَه، بمعنى: امضوا ما في نفوسكم مني من الإهلاك وغيره، كقوله: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} (٤)، أي: فامض ما أنت ممضٍ، والقضاء: إحكامُ الأمر وإمضاؤه.

أو من قضيت حاجتي، إذا فرغت منها، بمعنى: افرغوا مني واستريحوا، والقضاء: الفراغ من الأمر.

أو مِن قَضَى إليه وعليه، إذا قَتَله، بمعنى: اقتلوني، ومنه سُمٌّ قاضٍ، أي: قاتل.


(١) معاني الزجاج ٣/ ٢٨. وانظر معاني النحاس ٣/ ٣٠٦.
(٢) جزء من حديث كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى وائل بن حُجُر الحضرمي - رضي الله عنه -. انظره كاملًا في الفائق ١/ ١٤. ومنال الطالب ٦٤ - ٦٥. والمصباح المضيء في كتّاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ٣٠٩ - ٣١٠. والوثائق السياسية ٢٤٩ - ٢٥٠. وانظر هذا الجزء منه في الكشاف ٢/ ١٩٧. والنهاية في غريب الحديث ٣/ ٣٨٨. ولم يزد الحافظ في تخريجه لأحاديث الكشاف على نسبته إلى حديث وائل - رضي الله عنه -.
(٣) كذا في معاني الزجاج أيضًا ٣/ ٢٨ وهو لأبي عبيدة في المجاز ١/ ٢٧٩ قبله، وهو قول ابن قتيبة أيضًا كما في زاد المسير ٤/ ٤٨.
(٤) سورة طه، الآية: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>