للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالتي في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ} (١). و (مَن) اسم إن، وحَسُنَ دخول اللام في الاسم للفصل بالخبر وهو {مِنْكُمْ}. و (من) تحتمل أن تكون موصولة، وأن تكون موصوفة. واللام الثانية جواب قسم محذوف، والتقدير: وإنّ منكم لمن أُقْسِمُ باللَّهِ ليبطئن، والقَسَمُ وجوابه صلة (مَن)، أو صفتها، وإنما جاز وصل الموصول بالقسم ولم يجز بالأمر والنهي؛ لأنَّ القسم فيه معنى الخبر، والموصولات توصل بالأخبار، وكذا الموصوف يوصف بالأخبار، فلذلك جاز أن يوصف بالقسم، فاعرفه.

فإن قلتَ: أين الراجع إلى (من)؟ قلتُ: المستكن في {لَيُبَطِّئَنَّ}.

فإن قلتَ: بم عرفت أن اللام الأولى لام الابتداء، والثانية لام جواب قسم محذوف؟ قلت: لدخول الأولى على الاسم، والثانية على الفعل مع نون التوكيد.

فإن قلتَ: ما حقيقة الإِبطاء؟ قلتُ: قيل: إطالة مدة العمل لقلة الانبعاث، ونقيضُهُ الإِسراعُ.

فإن قلتَ: {لَيُبَطِّئَنَّ} لازم أو متعد؟ قلت: قد جوز أن يكون: لازمًا بمعنى ليتثاقلن وليتخلفن عن الجهاد. وبَطَّأ وأَبطأ بمعنى واحد، يقال: بَطَّأ عليَّ فلان، وأبطأ عليَّ فلان. ويقال: ما بَطَّأ بك؟ وما أبطأ بك؟ فيُعدَّى بالباء، وأن يكون: متعديًا منقولًا من بَطُؤَ، كَثَقَّلَ مِن ثَقُل بمعنى لَيبطِّئنَّ غيره، ولَيُثَبِّطَنَّهُ عن الغزو (٢).

وقوله: {إِذْ لَمْ أَكُنْ} (إذْ) منصوب بـ و {أَنْعَمَ} و {مَعَهُمْ} متعلق بقوله: {شَهِيدًا}.

{وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ


(١) سورة النحل، الآية: ١٨.
(٢) في (أ) و (ب): وليبطئنه عن الغزو. وما أثبته موافق لما في الكشاف ١/ ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>