فائدة: وقد ذهب الجمهور إلى القول باستحباب اتخاذ السترة، واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس قال: [أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله r يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار, فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر ذلك عليَّ أحد] متفق عليه. قال الشافعي: (إلى غير جدار): إلى غير سترة. واستدلوا أيضاً بحديث ابن عباس: [أن النبي - صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء ليس بين يديه شيء] رواه أحمد وأبو داود والنسائي والراجح ما ذكرنا أعلاه أما الرد على الجمهور: أولاً: الجواب عن قول ابن عباس: [إلى غير جدار] من وجوه: ١ ـ أنه يخالف ما ثبت عنه أيضاً حيث قال: [ركزت العنزة بين يدي رسول الله بعرفات فصلى إليها والحماريمر من وراء العنزة] رواه أحمد وابن خزيمة، وسنده صحيح، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يتركها في عرفات، فكيف يتركها في منى؟ ! ٢ ـ أنه جاء ما يفسر قول ابن عباس: [إلى غير جدار] وهو من طريق ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم أن مجاهداً أخبره عن ابن عباس قال: [جئت أنا والفضل على أتان فمررنا بين يدي رسول الله (بعرفة) وهو يصلي المكتوبة, ليس شيء يستره يحول بيننا وبينه] رواه ابن خزيمة (٨٣٨) وسنده صحيح .. وقال الشوكاني: " ويحمل حديث ابن عباس على أن صلاته كانت إلى سترة, مع وجود السترة لا يضر مرور شيء من الأشياء المتقدمة, كما يدل على ذلك قوله في حديث أبي هريرة: [ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل] , وقوله في حديث أبي ذر: [فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل] ٣ - لا يلزم من نفي الجدار نفي السترة , ويدل على هذا أنَّ البخاري بوَّب على هذا الحديث باب " سترة الإمام سترة لمن خلفه " فاقتضى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم- كان يصلي إلى سترة .. ". وأما الجواب عن حديث ابن عباس: [أن النبي صلى الله عليه وسلم- صلى في فضاء .. ] فهو حديث ضعيف فيه حجاج بن أرطأة وهو ضعيف ومدلس وقد عنعنه. وقد ضعفه الألباني في الضعيفة برقم (٥٨١٤) , وتمام المنة ص (٣٠٤).