للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما النهي فإنما هو عن ملازمة الرجل موضعاً بعينه من المسجد، لا يصلِّي إلا فيه ,من غير أن يكون لهذا المكان فضيلة فيه ولاحاجة إليه ,وقد نقل القاضي عياض اتفاق العلماء على جواز الإيطان للحاجة. (١)

وممَّا يتعلق بالنهي عن توطُّن بقعة في المسجد مسألة هامة، وهي:

حجز الأماكن في المسجد للنفس أو للغير: -

وممَّا يتعلق بالمسألة السابقة: ما نراه من بعض المصلين، من حجز أماكن لغيرهم، بحيث أنه إذا جاء أحد أوهموا أنَّ صاحب المكان موجود بالفعل، وهذا ممَّا يحرم فعله؛ لأنه غصب لمكان بغير حق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: -

ليس لِأَحَدٍ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا وَيَخْتَصَّ بِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ وَيَمْنَعَ بِهِ غَيْرَهُ. هَذَا غَصْبٌ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ وَمَنْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا مَنْ يَتَقَدَّمُ بِسَجَّادَةِ فَهُوَ ظَالِمٌ يُنْهَى عَنْهُ وَيَجِبُ رَفْعُ تِلْكَ السَّجَاجِيدِ وَيُمَكَّنُ النَّاسُ مِنْ مَكَانِهَا، فليْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُقَدِّمَ مَا يُفْرَشُ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَتَأَخَّرَ هُوَ، وَمَا فُرِشَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُرْمَةٌ بَلْ يُزَالُ وَيُصَلِّي مَكَانَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. ا. هـ (٢)

ولكن: - من ترك مكانه الذي جلس فيه لقضاء حاجة أو للرد على الهاتف فهو أحق بالرجوع إليه، فلا يجوز لأحد آخر أن يزيل ما وجده في الصف، من شيء وضعه من قام لحاجة ما، ليجلس هو، ومن فعل ذلك دخل تحت نهي النبي - صلى الله عليه وسلم-: «لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، ثُمَّ يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِهِ» (٣)


(١) وانظر شرح مسلم (٢/ ٤٦٦) ونيل الأوطار (٣/ ٢٣٣)
(٢) وانظر مجموع الفتاوى (٢٣/ ٤١٠) (٢٤/ ٢١٦)
(٣) أخرجه أحمد (٦٠٦٢) ومسلم (٢١٧٧)

<<  <   >  >>