وتذكَّر حادثة الأعرابي الذي بال في المسجد , كيف تعامل معه الصحابة - رضي الله عنهم - حينما صاحوا به وهمُّوا أن يقعوا به، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم علَّمه أنَّ المساجد لم تبنْ لمثل هذا.
وفى حديث معاوية ابن الحكم - رضي الله عنه - قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمِّياه ما شأنكم تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلمَّا رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلمَّا صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: «إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ". (١)
تأمل: كيف أثرت حسن معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورحمته في هذا الرجل، أليس لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة؟ ! !
وتذكَّر أنك كنت يوماً مثله تجهل آداب وأحكام المساجد حتى علَّمك الله ما لم تكن تعلم، وكان فضل الله عليك عظيماً (كذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم)
تذكر: رُب كلمةٍ غليظة أثقل على القلوب من جبل أحد، قد أغلظتَ بها على من تعدى على حرمة المسجد، فكانت سبباً في تنفير الناس عن بيوت الله، التي هي المساجد.
- وكم رأينا من صبي بعد أن صار رجلاً يافعاً، وقد هجر المسجد؛ ما زال يذكر موقف عمِّ " فلان" الذي طرده من المسجد لمَّا شوَّش على المصلِّين، مرت السنون ولم يزل هذا الحدث يراوده عن نفسه حتى جعله يهجر المساجد.
نسأل الله - تعالى - أن يجعل ما نسطِّره خالصاً لوجهه، وألاَّ يجعل لأحدٍ فيه شيئاً، وصلِّ اللهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه وسلم.