للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فائدة: -

كذلك من الظاهرات التي انتشرت في مساجد المسلمين، والتي لها علاقة بإنشاد الضاَّلة , ما تراه من قيام أحد المصلِّين - عقب تسليم الإمام - بسؤال الصدقات.

ومع كثرة المتسولين الذين يتكفَّفون الناس، فقد أصبحت المساجد أماكن للتكفف، وحصل بذلك تشويش ورفع أصوات، وقد كثر هؤلاء وظهروا بصفة الضعف والذل والهوان، يرتدون ثيابًا دنسة، ولا شك أنَّ من بينهم من هو بحاجة وفاقة، ولكنَّ الكثير منهم من المحتالين على جمع المال من غير حاجة؛ ومع ذلك فلا مانع من الصدقة فى المسجد للمحتاج، فقد ترجم أبو داود في سننه (باب المسألة في المسجد) ثم روى عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما -قال: «قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ فقال أبو بكر: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل، فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها إليه» (١). فهذا السائل ذو حاجة، حيث قنع بكسرة رغيف ليسد بها جوعته، وقد بوَّب البخاري في صحيحه:

[(باب: القسمة وتعليق القنو في المسجد)]

ثم ذكر حديث أنس -رضي الله عنه -قال: «أتي النبي- صلى الله عليه وسلم -بمال من البحرين، فقال: (انثروه في المسجد) وكان أكثر مال أُتِيَ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم -ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدًا إلا أعطاه، فما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثم منه درهم» (٢)

ففي هذا الحديث جواز تفريق المال في المسجد، بشرط ألاَّ يشغل المصلِّين، ولا يحصل فيه ازدحام وهيشات أصوات، فإن تيسَّر تفريقه في غير المسجد فهو أولى، ومثله تفريق الزكوات وصدقة الفطر، يجوز في المساجد عند الحاجة. (٣)


(١) أخرجه مسلم في الصحيح (١٠٢٨)، دون قول أبي بكر - رضي الله عنه - دخلت المسجد ..... ، وهي زيادة ضعيفة، في سندها مبارك بن فضالة، وهو مدلس وقد عنعنه.
(٢) ذكره البخاري (٤٢١) معلقاً بصيغة الجزم ووصله ابن حجر في التغليق (٢/ ٢٢٧)
(٣) انظر المجموع (٢/ ١٧٦) وفصول ومسائل تتعلق بالمساجد لابن جبرين (ص/٤٤)

<<  <   >  >>