للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فرع: ما حكم البيع والشراء إذا تم في المسجد؟]

والجواب هنا يحتاج إلى تفصيل:

١ - أما حكم الشخص نفسه فهو آثم في فعله هذا؛ لأنه خالف صريح نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البيع في المسجد.

٢ - أما حكم البيع من حيث الإنعقاد: فالراجح- والله أعلم - صحة هذا البيع؛ وذلك لتوافر شروطه وأركانه , كما أنَّ النهي عن البيع فى المسجد قد ورد لعلة خارجة عن البيع ,والتي هي التشويش على المصلين، فلا يكون النهي هنا مقتضياً للفساد. (١)

فَإِنْ بَاعَ فَالْبَيْع صَحِيح؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ بِأَرْكَانِهِ، وَشُرُوطِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ وُجُودُ مُفْسِدٍ لَهُ، وَكَرَاهَةُ ذَلِكَ لَا تُوجِبُ الْفَسَادَ، كَالْغِشِّ فِي الْبَيْعِ وَالتَّدْلِيسِ وَالتَّصْرِيَةِ. وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " قُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ " مِنْ غَيْرِ إخْبَارٍ بِفَسَادِ الْبَيْعِ، دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ. (٢)

وقد نقل الحافظ العراقي وابن بطال وابن المنذر الإجماع على صحة ما عُقد من البيع في المسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا أربح الله تجارتك) فلمَّا سمَّاها "تجارة " دل على صحة هذا البيع. (٣)


(١) قلت: ونظير ذلك ماذكره الزمخشري عن حكم االبيع إذا تم بعد أذان الجمعة، حيث قال: إذا كان البيع في هذا الوقت مأمورا بتركه محرما، فهل هو فاسد؟ قلت: عامّة العلماء على أن ذلك لا يوجب فساد البيع. قالوا: لأنّ البيع لم يحرم لعينه، ولكن لما فيه من الذهول عن الواجب، فهو كالصلاة في الأرض المغصوبة والثوب المغصوب، والوضوء بماء مغصوب. ا. هـ وانظرالكشاف (٤/ ٥٣٦)
(٢) انظر المغني (٤/ ٢٠٦) والإفصاح (٢/ ٢٦) وتقريب فقه المعاملات للمصنف (ص/؟ ؟ )
(٣) انظر تخفة الأحوذي (٢/ ٢٣٠) وسبل السلام (١/ ٣٠٩) والفروع (٥/ ١٩٥) والأوسط (٥/ ١٢٧)

<<  <   >  >>