للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أما إذا كان النعي على سبيل الافتخار والتباهي، وذلك بذكرمناقب الميِّت وأبناه وأقاربه بمنصابهم وما شابه ذلك، فهذا من النعي المحرَّم في المسجد وغيره؛ وذلك لحديث حذيفة - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن النَعي. (١) والله أعلم.

قال ابن العربي: فيؤخذ من مجموع الأحاديث أنَّ النعي له ثلاث حالات:

الأولى: إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح، فهذا سنة.

الثانية: دعوة الحفل للمفاخرة، فهذه تكره.

الثالثة: الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك، فهذا يحرم. ا. هـ. (٢)

فالحاصل أنَّ النعي ليس ممنوعاً كله، وإنما نهي عمَّا كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميِّت على أبواب الدور والأسواق للإخبار بمناقب ومفاخر المتوفى.

وختاماً: وفي ختام هذه الرسالة، والتي أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن تكون خالصة له، فهذه نصيحتي لإخوتي الكرام:

الرفق الرفق مع إخوانك المسلمين من رواد بيت الله ,فالمسجد ملتقى للكثير من الناس , ويرد علينا الكثير ممن يجهلون أحكام وآداب المسجد فلا تكن فظاً ولا غليظاً ولا عابس الوجه , كن هيِّناً ليِّناً، رفيقاً مع من يطرق باب مسجدك، قال تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران /١٥٩) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه، ولم ينزع من شيء إلا شانه" (٣)

وقال - صلى الله عليه وسلم - "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ " (٤)


(١) أخرجه أحمد (٢٣٢٧٠) والترمذي (٩٨٦) وحسنه الحافظ في الفتح (٣/ ١٧٣) والألباني في صحيح الجامع (٦٩١١)، وقوله: (نهى عن النعي) أي نعي الجاهلية وهي إذاعة موت الميت والنداء به وندبه وتعديد شمائله كما كانت العرب تفعل إذا مات منهم شريف أو قتل، بعثوا راكباً إلى القبائل ينعاه يقول نِعاء فلان أي أنعي فلاناً، ويذكرون مآثره، أما الإعلام بموته والثناء عليه فلا ضير فيه لما في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلَّى فصف بهم وكبَّر عليه أربعاً، وانظر فيض القدير (٦/ ٤٢٤) وشرح مسلم للنووي (٤/ ٢٥) والإعلام لابن الملقن (٤/ ٣٨٧)
(٢) وانظر فتح الباري (٣/ ١٧٣) وتحفة الأحوذي (٣/ ٤١٩) وعارضة الأحوذي (٤/ ١٦٥) وأحكام الجنائز (ص/٤٤)
(٣) أخرجه أحمد (١٣٥٣١) والبخاري (٦٢٥٦)
(٤) أخرجه البخاري (٦٩٢٧)

<<  <   >  >>