للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية- رَحِمَهُ اللَّهُ -:

عَنْ مَسْجِدٍ يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ وعَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ شُهُودٌ يُكْثِرُونَ الْكَلَامَ وَيَقَعُ التَّشْوِيشُ عَلَى الْقُرَّاءِ، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟ .

فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَيْسَ لِأَحَد أَنْ يُؤْذِيَ أَهْلَ الْمَسْجِدِ: أَهْلَ الصَّلَاةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لَهُ، ويُشَوِّشُ عَلَى هَؤُلَاءِ. بَلْ قَدْ خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَيَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ. فَقَالَ: {أَيُّهَا النَّاسُ كُلُّكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلَا يَجْهَرُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ}. فَإِذَا كَانَ قَدْ نَهَى الْمُصَلِّيَ أَنْ يَجْهَرَ عَلَى الْمُصَلِّي فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ، وَمَنْ فَعَلَ مَا يُشَوِّشُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ أَوْ فَعَلَ مَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ا. هـ (١)

وتأمل فيما قاله العلامة الألباني- رحمه الله-:

ما يقع اليوم في أكثر المساجد وما يسمع من الصوت الشديد من أثر اندفاع الماء من (الحنفيات) واصطدامه بالبلاط مما يحصل منه ضوضاء وتشويش على المصلين فيه؛ ولذلك نرى أنه من الضروري جعل الميضأة في مكان بجنب المساجد لا داخلها. (٢)

أقول: لقد وضع الشرع سياجاً حصيناً يضمن للمرء خشوعه في الصلاة، ويمنع عنه كل ما يشوِّش عليه:

ومن ذلك ما رواه أنس - رضي الله عنه - أنِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

إِذَا قُدِّمَ العَشَاءُ، فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلاةَ المَغْرِبِ، وَلا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ» (٣)


(١) وانظر مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢٠٥)
(٢) ذكره في الثمر المستطاب (٢/ ٧٩٨)
(٣) أخرجه أحمد (٦٣٥٩) والبخاري (٦٧٢) ومسلم (٥٥٧)

<<  <   >  >>