فإن قيل: أليس قد نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي المرء صلاة في يوم مرتين أخرجه أبوداود (٥٧٩) وسنده صحيح. فالجواب: أنَّ هذا النهى متوجه لمن: صلَّى الصلاة مرتين لغير سبب شرعي، فمن هذه الأسباب الشرعية ما ورد فى حديث أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه -: " أنَّ رجلاً دخل المسجد، وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من يتصدق على ذا فيصلي معه فقام رجل من القوم فصلى معه ". {أخرجه أحمد (١١٤٠٨) وأبوداود (٥٧٤) وصححه الألباني في الإرواء (٣٣٥)} ينتوى فى صلاته الثانية أنه يصليها فرضاً ,وهو تفسير أحمد واسحاق لهذا النهى. فالراجح - والله أعلم - أنَّ من أعاد الصلاة لسبب شرعى، فإنَّ الثانية تكون هى النافلة فى حقه, ودليل ذلك: حديث ابن مسعود - رضى الله عنه - أنَّ النبى - صلى الله عليه قال: سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً (رواه مسلم /٥٣٤) وقد اتَّفَقَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» أَنَّ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ صَلَاةً مَكْتُوبَةً عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُومَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَيُعِيدَهَا عَلَى جِهَةِ الْفَرْضِ أَيْضًا، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى الثَّانِيَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّهَا نَافِلَةٌ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَمْرِهِ بِذَلِكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى فَرِيضَةٌ وَالثَّانِيَةَ نَافِلَةٌ فَلَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ.، وانظر نيل الأوطار (٣/ ١٨٤) ومعرفة السنن والأثار (٢/ ١٣٦) والمحلى (٢/ ٢٢٠)