للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلم أنه لا يُنهى عن صلاة المنفرد أو الإمام بين السواري، لفعل النبي - صلي الله عليه وسلم- لذلك، وإنما النهي يكون عن رص صفوف المأمومين بين أعمدة المسجد، وعلة هذا التفريق هي ما ذكرناه من قطع السواري لصفوف المصلين، ودليل التفريق حديث ابن عمر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم- صلَّى داخل الكعبة بين العمودين المُقدَمين. (١) فَيَكُونُ النَّهْيُ عَلَى هَذَا مُخْتَصًّا بِصَلَاةِ الْمُؤْتَمِّينَ دُونَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، والله أعلم. (٢)

فإن قيل: كان الصحابة - رضي الله عنهم- يبتدرون السواري عند أذان المغرب؟

فالجواب: أنَّ هذا محمول على المنفرد يصلِّي السُنة، فيتخذ السارية سترة له.

لكن: إذا دعت الحاجة إلي صف الصفوف بين السواري؛ وذلك لإزدحام المسجد بالمصلِّين في صلاة الجمعة أو الجنازة مثلاً، جاز فعل ذلك بلا كراهة (٣)، ومازال المسلمون يفعلون ذلك في المسجد الحرام والمسجد النبوي عند الحاجة. (٤)

قال مالك: لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد. ا. هـ (٥)


(١) متفق عليه
(٢) وانظر عون المعبود (٢/ ٧٨) وشرح السنة (٢/ ١٠٢) وتحفة الأحوذي (٢/ ١٩)
(٣) وقد روى سعيد ابن منصور في سننه، قال ابن سيد الناس: " ولا مخالف لهم من الصحابة ".وانظر عون المعبود (٢/ ٢٦١).
(٤) وذلك كيوم الجمعة إذا كثرت صفوف المصلين، فهنا تتقارب الصفوف ويصلون بين السواري؛ فهذه أفضل من الصلاة خارج المسجد وبخاصة أن بعض المصلين خارج المسجد قد يتقدمون على موضع الإمام.
(٥) وانظر المدونة (١/ ١٩٥) والسلسلة الصحيحة (١/ ٦٥٦).

<<  <   >  >>