(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٤٢) وابن خزيمة (٢٤٩٠) وحسنه المنذريوالألباني. قوله (في صحته وحياته) أي أخرجها فى زمان كمال حاله ووفور افتقاره إلى ماله وتمكنه من الانتفاع به. فائدة: ولكن نقول: مع الحث العظيم الذي ورد به الشرع على بناء المساجد فلا بد في ذلك من مراعاة حاجة أهل المكان إلى ذلك؛ فإنَّ المصلحة العظمى من بناء المساجد أن تعمر بالمصلَّين، وأما ما نراه كثيراً من كثرة بناء المساجد الصغيرة المتقاربة في المنطقة الواحدة، والتي يتفرق فيها جماعات المسلمين، فيصلي فيها الصف والصفان، ويحتاج كل مسجد منها إلى إقامة صلاة الجمعة، لترى الخطيب من هؤلاء يخطب فيمن لا يزيد على عدد أصابع اليدين، بل ووالله لقد رأيت زاوية من الزوايا خطيباً يخطب على المنبر وليس أمامه إلا المؤذن، وإذا تقدمتَ إليهم بالنصح أن يغلقوا هذه الزوايا في صلاة الجمعة، قرأوا عليك قول الله (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيه اسمه وسعى في خرابها) نقول: إنَّ هذه الفرقة هذا ممَّا يخالف أصول الشرع الذي أمر بالجماعة وعدم الفرقة. وكم أُنفقت أموال على هذه الزوايا والمصلِّيات، وكان بالإمكان أن تستغل في منافع أخرى للمسلمين، كدار تحفيظ أو جمعية خيرية وما شابه ذلك. وقد عدَّ الإمام السيوطي - رحمه الله - من المحدثات: كثرة المساجد في المحلة الواحدة، وذلك لما فيه من تفريق الجمع، وتشتيت شمل المصلين، وحل عروة الانضمام في العبادة، وذهاب رونق وفرة المتعبدين، وتعديد الكلمة، واختلاف المشارب، ومضادة حكمة مشروعية الجماعات، أعني اتحاد الأصوات على أداء العبادات وعودهم على بعضهم بالمنافع، والمضارة بالمسجد أو شبه المضارة أو محبة الشهرة والسمعة وصرف الأموال فيما لا ضرورة فيه. اهـ. وجاء في "الإقناع": ويحرم أن يبنى مسجد إلى جنب مسجد إلا لحاجة كضيق الأول ونحوه كخوف فتنة باجتماعهم في مسجد واحد. وظاهره وإن لم يقصد المضارة. وانظرالإقناع في فقه أحمد (١/ ٣٣٣) والأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع (١/ ٢٠٠) وإصلاح المساجد (١/ ٩٦)