للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يطبق في النقد، ولم يتم التعرض للمطبق للمنهج، وقد تبين لي أن مخالفة أحكام أئمة النقد الأولين على الأحاديث ليس السبب في كثير منها مخالفتهم في المنهج، وإنما السبب في الباحث نفسه، ومنهج المتأخرين -حسب قواعده- لو تم تطبيقه بصورة جيدة لضاقت الفجوة في المحصلة النهائية، وهي الحكم على الأحاديث.

فما ذنب منهج المتأخرين في حكم باحث لم يستطع تمييز رواة إسناده أو بعضهم؟ وما ذنب منهج المتأخرين في جمع غفير من الباحثين يصححون ويضعفون دون أن ينظروا أصلا في اتصال الإسناد وانقطاعه؟ .

فالذي أريد التأكيد عليه هنا أننا بحاجة ماسة جدا إلى إعداد باحث متمكن يجيد تطبيق قواعد البحث العلمي ومتطلباته بصفة عامة، والبحث العلمي المتعلق بنقد السنة بصفة خاصة، قد قرأ كثيرا في كتب أئمة النقد، وأعمل نظره وفكره في منهجهم وطريقتهم، ثم تدرب كثيرا أيضا على ممارسة النقد والاشتغال به، يتحلى بالصبر والأناة، يعيش بفكره وعقله دائمًا في قضايا نقد السنة، متابع لما يصدر من أبحاث وكتب تتعلق بفنه الذي يشتغل به، قد أقبل على هذا العلم بنفس تواقة إلى إتقانه، محبة له، يدرك أن المشوار طويل، لا يستطيع المضي فيه من يتعجل قطف الثمرة، قد تكونت لديه -بعد ممارسة طويلة- هيئة نفسية، تمكنه من مشاركة أهل هذا العلم أحكامهم.

وإعداد مثل هذا الباحث يقع العبء الأكبر منه على أساتذة هذا الفن، فيحتاج منهم إلى جهد مضاعف؛ إذ هو قائم على التطبيق والممارسة، وهذا يقتضي الأخذ بيد الباحث، والسير معه برفق وأناة،

<<  <   >  >>