وقد رأيت أن الإسهام في تكوين مثل هذا الباحث عن طريق هذه السلسلة في مسائل النقد يمكن أن يتم بدق ناقوس الخطر في ذهنه، وأن الخوض في هذا الفن مزلة قدم، فتعمدت الإكثار من عرض أخطاء الباحثين والمتكلمين على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا، ليأخذ الباحث حذره، فيستعد جيدًا لما هو مقبل عليه، ويكون دائم الوجل والخوف وهو يمارس التطبيق العملي.
وأما إذا استمر وضع الباحثين على ما هو عليه فالأمر خطير جدا؛ ذلك أن تطبيق قواعد المتأخرين أسهل بكثير من تطبيق قواعد أئمة النقد الأولين، فقواعد المتأخرين مطردة، يسهل تطبيقها، لا تحتاج إلى إعمال نظر كبير، فإذا كان حال الباحثين الآن الضعف الشديد في تطبيق هذه القواعد فماذا ستكون الحال إذا أراد هذا الباحث -وهو هو لم يتغير- تطبيق قواعد أئمة النقد؟ لا شك أن التخبط سيكون أكبر، والخلل أعظم.
وقد رأيت من خلال رصدي لبعض أعمال الباحثين بوادر ذلك، وأخشى ما أخشاه أن يأتي يوم نتمنى فيه أننا لم نحرك ساكنا، وأننا أبقينا ما كان على ما كان.
الأمر الرابع: من أكبر الأخطاء التي يقع فيها المنتسبون للسنة النبوية، المشتغلون بالنقد وقضاياه: ما استقر في أذهانهم من أن كل دارس لقواعد التصحيح والتضعيف يصبح لديه القدرة على ممارسة النقد، بل سارت الأقسام العلمية المتخصصة في السنة النبوية في الجامعات على إلزام الباحثين -كل الباحثين- بإصدار أحكامهم على ما